حظيت أزمة الاقتصاد المصري بمناقشات واسعة في اليوم الرابع لاجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مدينة مراكش المغربية.
فمن المدير العام لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، وحتى جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد، وصولاً لوزير المالية المصري، محمد معيط، كانت الأزمة التي تعانيها البلاد محوراً للنقاش.
و تعاني مصر نقصاً شديداً في العملة الصعبة، أدى إلى تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وارتفاع قياسي في معدل التضخم في البلاد.
وتقف مصر عالقة مع صندوق النقد الدولي منذ مارس آذار الماضي إذ لا تستطيع اجتياز مراجعتين متتاليتين لبرنامجها مع الصندوق بسبب عدم التزامها بتنفيذ عدة إصلاحات على رأسها مرونة سعر الصرف.
مرونة سعر الصرف في مصر حتمية
ترى غورغييفا أن مصر حققت تقدماً طيباً في السياسات المالية العامة والخصخصة، وأن وزير ماليتها ومحافظ البنك المركزي يواجهان تحديات صعبة، وتضيف: «مصر على تواصل وثيق مع صندوق النقد الدولي لإتمام المراجعة الخاصة ببرنامجها».
بينما يعتقد أزعور أن مرونة سعر الصرف حتمية لحماية اقتصاد مصر من الصدمات الخارجية.
وقال خلال مؤتمر إطلاق تقرير توقعات الصندوق لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى: «الاقتصاد المصري تعرض لعدة صدمات متتالية تسببت في ارتفاع مستويات الفوائد على الديون جرّاء معالجة التضخم».
وأضاف أن برنامج مصر مع صندوق النقد يعتمد على إعادة تدوير عجلة الاقتصاد ومحافظة الحكومة على السياسة المالية وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص.
وأكد أزعور أن اتباع سياسة سعر صرف مرن حتمي لحماية الاقتصاد المصري من الصدمات الخارجية.
وقال أزعور في حوار خاص لـ«CNN الاقتصادية» إن «مُضي مصر قُدُماً في إصلاحات متعلقة بمكافحة التضخم والسياسة النقدية سيؤهلها لاجتياز مراجعات صندوق النقد»، هذا ما أكّده أزعور في مقابلته مع «CNN الاقتصادية»، إلا أن هناك إصلاحات بشأن سعر الصرف ومحاربة التضخم يجب أن تتبعها، ويضيف أن القيام بهذه الإصلاحات سيحدد الفترة الزمنية التي سيتم فيها استئناف مراجعة برنامج مصر مع صندوق النقد.
ومنذ مارس آذار، بقي سعر صرف الدولار ثابتاً في البنوك المصرية عند حاجز 31 جنيهاً بينما يسجل السعر في السوق الموازية ارتفاعاً حاداً مع تخطيه حاجز 40 جنيهاً.
ضغط كبير على الاقتصاد المصري
لكن وزير المالية المصري، محمد معيط، يرى أن «الضغط كبير على بلد مثل مصر لذلك يجب التفكير في حلول مبتكرة لأن الحلول التقليدية قد تكون غير ناجحة».
تحدث وزير المالية على هامش اجتماعات صندوق النقد بجانب وزراء وخبراء ماليين في جلسة بعنوان «دعم النمو الاقتصادي عبر المصادر المحلية».
وأضاف أن الوضع الاقتصادي في مصر أصعب نظراً لأربع سنوات عجاف بسبب أزمة كورونا ومن بعدها الحرب الروسية الأوكرانية، وأشار معيط إلى أن الضرائب تشكّل نحو 75 في المئة من موارد موازنة مصر الحالية، ولا مجال لفرض ضرائب جديدة، على حد قوله.
توقعات غير محببة للاقتصاد المصري
تعكس توقعات صندوق النقد الدولي رؤيته للاقتصاد المصري إذ خفض توقعاته لنمو الاقتصاد خلال العام المالي المقبل إلى 3.6 في المئة مقابل توقعات 4.2 في المئة هذا العام.
وقال إن تباطؤ النمو في مصر يعكس تأثير تقنين العملة الأجنبية بالنسبة للواردات والإنتاج وتأثير التضخم المرتفع على القدرة الشرائية للمستهلكين.
وقال الصندوق إن التضخم في مصر لا يزال أعلى بكثير من مستوياته التاريخية، إذ يحلّق فوق 35 في المئة، بسبب تأثير تخفيضات أسعار الصرف على أسعار الواردات.
وستستمر احتمالية انخفاض أسعار الصرف في مصر، في الضغط على أسعار السلع، مع وصول متوسط التضخم إلى ذروته في العام المقبل عند 32.2 في المئة، على أن يظل في خانة العشرات حتى عام 2027.