نما الاقتصاد الأميركي بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثالث المنتهي في سبتمبر أيلول، مدعوماً بالإنفاق الاستهلاكي القوي وسط صمود سوق العمل، ومتحدياً شبح الركود من جديد.

وأعلن مكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة، يوم الخميس، عن أسرع وتيرة نمو منذ ما يقرب من عامين، مدفوعة بانتعاش الاستثمار السكني بعد تسعة انخفاضات فصلية متتالية، فيما كثفت الشركات إعادة تخزين المستودعات والأرفف لتلبية الطلب القوي.

من جهة أخرى تراجع الاستثمار في الأعمال التجارية مع انخفاض الإنفاق على المعدات وتلاشي الدعم الناتج عن بناء المصانع، واتخذت إدارة الرئيس جو بايدن خطوات لتشجيع المزيد من تصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة.

احتمال التباطؤ قائم

أظهرت وتيرة النمو القوية التي تحققت في الربع الأخير قدرة الاقتصاد على التحمل على الرغم من الزيادات القوية في أسعار الفائدة من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، لكن هذا لا يعني استدامة تلك الوتيرة، إذ من المحتمل أن يتباطأ النمو في الربع الرابع بسبب إضرابات عمال السيارات المتحدين واستئناف سداد قروض ملايين الطلاب.

يأتي هذا في وقت راجع فيه عدد من المراقبين الاقتصاديين توقعاتهم، وأصبحوا أكثر ثقة في قدرة الفيدرالي على قيادة التضخم نحو هبوط آمن، إذ قال أولو سونولا، رئيس قسم الاقتصاد الأميركي في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في نيويورك «لقد تحول مسار النمو الاقتصادي من التحمل إلى النمو في هذا الربع، متحدياً دورة التشديد الحاد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي والسياسة النقدية المتشددة».

وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي 4.9 بالمئة في الربع الأخير، وهو الأسرع منذ الربع الرابع من 2021، وكان مسح أجرته «رويترز» أظهر توقعات اقتصاديين ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 4.3 بالمئة، نما الاقتصاد بوتيرة 2.1 في المئة في الربع الثاني، متوسعاً بوتيرة أعلى بكثير مما يعتبره مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي معدل نمو غير تضخمي، نحو 1.8 في المئة.

وتسارع نمو الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأمريكي، بمعدل 4.0 في المئة بعد ارتفاعه بمعدل 0.8 في المئة فقط في الربع الثاني، وكان الدافع وراء ذلك هو الإنفاق على كل من السلع والخدمات، وأنفق المستهلكون المزيد على الإسكان والمرافق والرعاية الصحية والخدمات المالية والتأمين.

ديون الطلاب تضغط على الأسر

ولكن هناك توقعات بانخفاض حجم الإنفاق في الربع الأخير من العام لعدة أسباب، إذ حان موعد بدء سداد 44 مليون شخص ديونهم الطلابية بعد تأجيل موعد السداد لثلاثة أعوام متتالية، الأمر الذي قد يضغط على الوضع المالي لعدد ضخم من الأسر، وبالتالي يؤثر على قدرتهم الشرائية، إذ يُقدِّر الاقتصاديون حجم الديون بـ70 مليار دولار.

بالإضافة إلى ذلك، يعتمد المستهلكون من ذوي الدخول المنخفضة على الديون بشكل متزايد لتمويل المشتريات، مع ارتفاع تكاليف الاقتراض، ما يؤدي إلى زيادة حالات التأخر في سداد بطاقات الائتمان.

كما عُوضت الزيادة في الأجور جزئياً من خلال ارتفاع الضرائب الشخصية، وانخفض معدل الادخار إلى 3.8 في المئة من 5.2 في المئة في الربع الثالث.

من ناحية أخرى، يستند بعض الاقتصاديين على قوة سوق العمل ليستبعدوا سيناريو التباطؤ.

(رويترز)