(CNN) يقترب الاحتياطي الفدرالي من الإعلان عن رفع أسعار الفائدة مجدداً يوم الأربعاء، فيما يأمل المستثمرون أن تكون الزيادة أقل من تلك التي تم الإعلان عنها في المرات الأربع الأخيرة.

يراهن المضاربون على زيادة بمقدار نصف نقطة، فيما ترجّح عقود الأموال الفدرالية الآجلة في بورصة شيكاغو التجارية رفع الفائدة بقيمة نصف نقطة بنسبة 80 في المئة.

تم رفع أسعار الفائدة بثلاثة أرباع النقطة خلال الاجتماعات الأربعة الأخيرة التي عقدها الاحتياطي الفدرالي في شهور يونيو/حزيران ويوليو/تموز وسبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما تلا ارتفاعات أقلّ قيمة في وقت سابق من هذا العام. في بداية 2022، كان سعر الفائدة القياسي قصير الأجل صفر في حين أنه يتراوح الآن بين 3.75 في المئة و4 في المئة.

تُعزى الآمال في ارتفاع بسيط لأسعار الفائدة إلى انحسار ضغوط التضخم بما يكفي لتمكّين الاحتياطي الفدرالي من اتخاذ قرارات برفعات أقل لأسعار الفائدة، من شأنها أن تتفادى دفع الاقتصاد نحو مرحلة الركود.

لكن الأمر قد لا يكون بهذه البساطة، إذ كشف تقرير حكومي صدر يوم الجمعة عن ارتفاع مؤشر أسعار المنتجين بالغ الأهمية في قياس أسعار الجملة بقيمة 7.4 في المئة خلال الأشهر الاثني عشر الماضية حتى نوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما جاء أعلى بقليل من التوقعات التي بلغت 7.2 في المئة، وإن شكّلت تراجعاً مقارنةً بـ8 في المئة التي سُجلّت في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

فيما يتوقع صدور مؤشر أسعار المستهلكين لشهر نوفمبر/تشرين الثاني الذي يتابعه المراقبون بشكل أكبر يوم الثلاثاء، أي قبل إعلان الاحتياطي الفدرالي بيوم واحد. ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بقيمة 7.7 في المئة لشهر أكتوبر/تشرين الثاني على أساس سنوي.

يتعيّن على الاحتياطي الفدرالي التعامل بحذر مع أسعار الفائدة طالما يستمر شبح التضخم.

تعتقد كاثي جونز، كبيرة محللي وحدة الدخل الثابت في مركز “شواب” للأبحاث المالية أن “التضخم وصل إلى قمّة ارتفاعه” لكنها تشكّ في “انخفاضه بالسرعة المرغوبة”. كذلك تُرجّح جونز قيام الاحتياطي الفدرالي برفع أسعار الفائدة بما لا يتجاوز النصف نقطة هذا الأسبوع، فيما تتوقع زيادة بربع النقطة في بدايات عام 2023، فيما أقرّت أن الاحتياطي الفدرالي يعمل الآن على “تقدير الزيادات أولاً بأول بحسب المعطيات الراهنة”.

سيتسبب ارتفاع أسعار الفائدة بإبطاء الاقتصاد في نهاية المطاف

مشكلة أخرى تتمثل في محدودية أثر قرارات الاحتياطي الفدرالي برفع أسعار الفائدة هذا العام على الاقتصاد. إذ قفزت أسعار الرهن العقاري بوتيرة تسبّبت بأضرار بالغة على معدلات الطلب على المنازل، في حين يحافظ سوق العمل على أداء قويّ. كذلك تستمرّ الأجور في الارتفاع ويستمرّ إنفاق المستهلكين، وهو ما قد لا يدوم طويلاً.

تضيف كاثي جونز أن “ظهور التأثير التراكمي لأسعار الفائدة المرتفعة بدأ للتوّ، لهذا ينبغي على الاحتياطي الفدرالي إبطاء وتيرة قراراته قليلاً”.

لذا يتعيّن على المستثمرين الانتباه لما هو أبعد من بيانات سياسات الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة أو لأكثر مما يذكره رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول في المؤتمر الصحفي، حيث يخطط المجلس لإصدار آخر توقعاته لنمو إجمالي الناتج المحلي وبيانات سوق العمل وبيانات أسعار المستهلكين يوم الأربعاء.

في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، أصدر الاحتياطي الفدرالي توقعات بنموّ إجمالي الناتج المحلي 1.2 في المئة خلال عام 2023، في حين توقع وصول معدل البطالة إلى 4.4 في المئة وزيادة نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو المؤشر المفضل لدى الاحتياطي الفدرالي للدلالة على التضخم، بمقدار 2.8 في المئة.

من المتوقع أن يخفّض الاحتياطي الفدرالي من تقديراته لإجمالي الناتج المحلي وأن يرفع توقعاته لمؤشري البطالة وأسعار المستهلكين.

تزيد احتمالية الانكماش الاقتصادي وقد ينعكس ذلك على توقّعات الاحتياطي الفدرالي، لكن من غير المتوقع أن يبدأ بخفض معدلات رفع سعر الفائدة حتى عام 2024 على أقل تقدير، ما يعني احتمال فوات الأوان على قدرة المصرف المركزي لمنع حدوث ركود اقتصادي.

بحسب “كيث ليرنر”، كبير مسؤولي الاستثمار في “ترويست” للخدمات، فإن “إجراء تغييرات كبيرة لن يكون حلاً كافياً لمشكلات السوق، إذ تأخر الوقت أمام خفض أسعار الفائدة ما يجعل احتمالية خطر الرّكود عالية نسبياً”.

هل يستمر المستهلكون في الإنفاق؟

لم يصل الاقتصاد الأميركي لمرحلة الركود حتى الآن، لكن هل لا يزال المتسوّقون الأميركيون قادرين على الإنفاق؟ ستصبح الإجابة على هذا السؤال ممكنة يوم الخميس بعد صدور التقارير الحكومية الخاصة بأرقام مبيعات التجزئة لشهر نوفمبر/تشرين الثاني.

في الواقع، يتوقع المحللون الاقتصاديون تراجعاً بسيطاً بمقدار 0.1 في المئة مقارنة بشهر أكتوبر/تشرين الأول، لكن من المهم الاطلاع على الأسباب وراء هذا الرقم، إذ ارتفعت مبيعات التجزئة بـ 1.3 في المئة من شهر سبتمبر/أيلول في قفزة بمقدار 8.3 في المئة خلال الأشهر الاثني عشر الماضية. قد يعني هذا ببساطة بداية مبكرة لتسوّق موسم الأعياد. لكن للتضخم أثراً على الأرقام كذلك، حيث تُعزى زيادة مبيعات التجزئة لارتفاع أسعار المنتجات.

أشار أحد محللي الأسواق إلى أن تباطؤ ارتفاع الأسعار سيمنح المستهلكين ثقة أكبر. يقول أرنو كوسيرات، الرئيس التنفيذي لشركة كومجست للاستثمارات العالمية “تحدّث الجميع عن التضخم هذا العام، لكن في 2023 و2024، سيتركّز الحديث على التخلص من آثار التضخم”.

ولكن، أيّ صدى يُحدثه ذلك لدى المستثمرين؟ يقول كوسيرات أنّ على الأفراد البحث عن شركات استهلاكية عالية الجودة والتي لا تزال تتمتع بأسعار قوية تمكنّها من الحفاظ على هوامش ربحها، وقد ضرب مثاليْن على ذلك في اسمين لشركته حصص فيها: “هيرميس” لصناعة السلع الفاخرة وعملاق صناعة التجميل “لوريال”.