بينما تعاني الصين من اقتصاد متعثر وحرب تكنولوجية شرسة مع أميركا، كان لدى قادة بكين رسالة واحدة للنخب السياسية داخل وخارج البلاد، وهي: ستواصل الصين المسار لتصبح قوة تكنولوجية كبيرة تحت قيادة شخص واحد هو الرئيس شي جين بينغ.

وشهد اليوم الختامي للهيئة التشريعية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني يوم الاثنين غياب حدث رئيسي معتاد، وهو المؤتمر الصحفي الذي يعقده رئيس الوزراء، لعقود من الزمن كان الرجل الثاني في البلاد والمكلف بإدارة الاقتصاد يقدم لوسائل الإعلام الأجنبية والجمهور الصيني فرصة نادرة للحصول على نظرة مباشرة بشأن ما ينتظر البلاد اقتصادياً في الفترة المقبلة.

دعم الصناعات التكنولوجية

وكان الموضوع الرئيسي للتجمع هو الدفع نحو تركيز النموذج الاقتصادي الصيني على الابتكار التكنولوجي وتحويل البلاد إلى قوة تكنولوجية كبيرة.

وفي خطاب ألقاه الأسبوع الماضي، دعا رئيس الوزراء لي كه تشيانغ إلى تعزيز «الاعتماد على الذات والقوة في العلوم والتكنولوجيا»، كاشفاً عن تقديم دفعة لتحديث سلاسل التوريد الصناعية وتعزيز مكانة الصين باعتبارها مبتكراً في مجال التكنولوجيا الفائقة، وشمل ذلك زيادة ميزانية الصين السنوية للعلوم والتكنولوجيا بنسبة 10 في المئة إلى مستوى غير مسبوق قدره 370.8 مليار يوان، نحو 51.6 مليار دولار.

كما سلط الضوء أيضاً على شعار «قوى إنتاجية جديدة عالية الجودة» الذي قدمه العام الماضي الرئيس الصيني للإشارة إلى قطاعات التكنولوجيا المتقدمة مثل مركبات الطاقة الجديدة والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والتصنيع المتقدم، ما يدل على رغبة الزعيم في دفع البلاد إلى الأمام في السباق العالمي للتكنولوجيات الحيوية.

ويأتي التركيز على الاعتماد على الذات في العلوم والتكنولوجيا بعد أن شددت الولايات المتحدة قيودها على تصدير التقنيات المتطورة إلى الصين، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي قالت واشنطن إنه يمكن استخدامه لتعزيز الجيش الصيني.

وعلى هامش الاجتماع اتهم وزير الخارجية وانغ يي الولايات المتحدة «بابتكار تكتيكات مختلفة لقمع الصين»، وانتقد الضوابط التجارية والتكنولوجية التي تفرضها واشنطن، ووصفها بأنها وصلت إلى «مستويات محيرة من السخافة التي لا يمكن فهمها».

استعادة الثقة بالاقتصاد

كان الاقتصاد في دائرة الضوء هذا العام، إذ تعاني الصين من أزمة في قطاع العقارات وارتفاع الديون الحكومية وانكماش الاقتصاد وتراجع أسواق الأسهم، كل ذلك أدى إلى تأجيج الإحباط العام وفقدان ثقة المستثمرين.

وحرص القادة الصينيون على إظهار الثقة في الاقتصاد، وطرحوا هدف نمو اقتصادي طموحاً يبلغ نحو 5 في المئة خلال عام 2024، لكن دون الإعلان عن أي إجراءات تحفيز كبيرة لزيادة الاستهلاك المتدهور.

من بين المستهدفات التي أُعلن عنها ألا يتخطى عجز الموازنة إلى إجمالي الناتج المحلي نسبة الثلاثة في المئة، كذلك تهدف بكين إلى الوصول بمعدل التضخم إلى 3 في المئة.

ويبدو أن ذلك خيب آمال المستثمرين الذين كانوا يراقبون التجمع عن كثب، وانخفض مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 2.6 في المئة يوم الثلاثاء بعد الإعلان عن المستهدفات الاقتصادية، وخسر المؤشر قرابة 20 في المئة من قيمته خلال الـ12 شهراً الماضية.

واعترف لي في تصريحاته بأن تحقيق هذا الهدف «لن يكون سهلاً»، لكنه تعهد أيضاً بأن تجعل الصين التحديث الصناعي أولوية مع التوجه نحو التكنولوجيا والابتكار.

لا تعديل في القيادات

خيب الاجتماع السنوي للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني آمال بعض المراقبين الذين كانوا يأملون في إجراء تعديلات في مناصب عالية المستوى بالقيادة الصينية، وهي الخطوة التي من شأنها ملء المناصب العليا في مجلس الدولة التي ظلت شاغرة لعدة أشهر بعد تغييرات مفاجئة العام الماضي.

في يوليو تموز الماضي أُقيل وزير الخارجية تشين جانج فجأة من منصبه دون تفسير، ثم أعقب ذلك إقالة وزير الدفاع لي شانغ فو ودون تفسير أيضاً، وكانت هناك توقعات من بعض المراقبين أن تعين بكين وزير خارجية جديداً خلال هذا الاجتماع.