تظل البطالة في الصين أزمة تؤرق المسؤولين نظراً لوجود مشكلات هيكلية في سوق العمل، في الوقت الذي يستعد فيه الاقتصاد المتباطئ لاستقبال عدد ضخم من خريجي الجامعات خلال العام الجاري.

ونقلت وكالة رويترز قول وزيرة الموارد البشرية الصيني، وانغ شياو بينغ، يوم السبت، إن سوق العمل شهد بداية جيدة هذا العام، خاصة في قطاعي الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، كما نظمت الصين 3 آلاف معرض توظيف حتى الآن.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي على هامش الاجتماع السنوي للبرلمان في بكين، إذ أوضحت الوزيرة الصينية أن السلطات ستواصل تطبيق السياسات الرامية لتحسين توظيف الشباب ومساعدة الشركات الصغيرة.

لكن هل تفلح تلك الجهود في تحسين أوضاع سوق العمل، خاصة مستوى البطالة بين الشباب.

أزمة البطالة.. نقطة ضعف للطموح الاقتصادي

وتمثل أزمة البطالة صداعاً مزمناً للصين التي ستشهد 11.79 مليون خريج جامعي جديد هذا العام، وفقاً لتوقعات وزارة التعليم الصينية.

وفي بداية جلسة البرلمان هذا الأسبوع، كشفت الحكومة عن هدفها للنمو الاقتصادي لعام 2024، إذ تستهدف تحقيق معدل نمو بنسبة 5 في المئة، لكن سوق العمل يظل نقطة ضعف أساسية في هذه الخطة الطَّموح.

وكان الناتج المحلي الإجمالي الصيني قد حقق نمواً بنسبة 5.2 في المئة خلال العام الماضي.

وكان المتحدث باسم المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني -وهو أعلى هيئة استشارية سياسية في الصين- ليو جيه يي، قال الأسبوع الماضي إن الاقتصاد الصيني يواجه العديد من التحديات، أبرزها بطالة الشباب.

وأوضح «أن تشغيل الشباب، خاصة الخريجين الجدد، يشكّل مصدرَ قلقٍ كبيراً»، لافتاً إلى أن الاقتصاد الصيني لا يزال يتمتع بأساس جيد وظروف مواتية لتعزيز التنمية.

ويعود ارتفاع معدلات بطالة الشباب إلى ضعف التعافي الاقتصادي عقب الجائحة، مع استمرار انكماش الاستهلاك المحلي، وتباطؤ النشاط الصناعي الخاص، وتعثر سوق العقارات.

من جهته، اتهم تشانغ داندان، الأستاذ المساعد في جامعة بكين، في مقال رأي لموقع الأخبار (كايكسين) في يوليو تموز 2023، الشباب الصيني بالتسبب جزئياً في تلك المشكلة نظراً لتقاعسه في البحث بجدية عن عمل، وتفضيلهم العمل لدى أسرهم، في المنازل.

وقال «كان من الممكن أن يصل معدل البطالة الحقيقي للشباب إلى 46.5 في المئة في مارس آذار إذا شملت الإحصاءات نحو 16 مليون شاب يعملون لدى أُسرهم في المنزل، وبالتالي لم يبحثوا بجدية عن عمل».

تفضيل الوظائف الإدارية.. هل الشباب مسؤول عن الأزمة؟

في يونيو حزيران 2023، كان واحد من كل خمسة صينيين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً عاطلاً عن العمل، وهي أحدث بيانات متوفرة قبل أن يقرر مكتب الإحصاء التوقف عن إصدار هذا النوع من البيانات، وتُقدر أعداد هذه الفئة في الصين بنحو 100 مليون شخص.

واستأنفت الصين نشر البيانات في يناير كانون الثاني، لكن بعد استبعاد طلاب الجامعات، ومع استثناء هذه الفئة تم تقدير معدل البطالة بين الشباب عند مستوى 14.9 في المئة في ديسمبر كانون الأول الماضي.

وتتعرض السلطات الصينية لضغوط كبيرة لخلق فرص عمل كافية، لكنها تواجه العديد من التحديات في سبيل ذلك، خاصة مع سعي عدد كبير من خريجي الجامعات إلى الحصول على وظائف إدارية في ظل اقتصاد متباطئ، فضلاً عن مقاومة الشباب الجهود الحكومية التي تستهدف توجيههم إلى الوظائف الحرفية والتقنية.