في لقاء لفت أنظار العالم، عقد الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ أول اجتماع لهما منذ أكثر من عام في سان فرانسيسكو لكسر الجمود في العديد من القضايا العالقة بين الصين و الولايات المتحدة، فما أهم هذه القضايا؟
فبعد اجتماعه مع شي يوم الأربعاء، قال بايدن إن المنافسة بين الصين والولايات المتحدة يجب ألّا تميل نحو الصراع، مشيراً إلى أن اجتماعاته الأخير مع شي كانت صريحة ومباشرة ومفيدة، قائلاً «كما هي الحال دائماً، ليس هناك أفضل من الحوار المباشر».
وتناول اللقاء بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم العديد من القضايا مثل تغير المناخ ومكافحة تهريب المخدرات والتعامل مع الذكاء الاصطناعي.
ورغم أن هذا اللقاء كسر الجمود قليلاً في أهم علاقة اقتصادية في العالم، فقد استبعد المحللون أن يؤدي لإحراز تقدم حقيقي في نقاط الخلاف الشائكة المعلقة بين البلدين.
التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة
مع تدهور العلاقات في الأشهر الأخيرة، أشار المسؤولون الأميركيون إلى الحاجة لإزالة المخاطر القادمة من الجانب الصيني، وهو ما يعني تقليل الاعتماد على الأسواق والموردين الصينيين، دون قطع العلاقات بالكامل.
واتبعت إدارة بايدن هذه الاستراتيجية كوسيلة لحماية أميركا من حالة عدم اليقين الجيوسياسي المتزايدة في العالم، مع التأكيد أن هدفها ليس الانفصال الشامل عن القوى الاقتصادية العظمى في العالم.
وبسبب هذا النهج، تفوقت المكسيك وكندا على ثاني أقوى اقتصاد في العالم كأكبر شركاء تجاريين لأميركا في الأشهر التسعة الأولى من العام، إذ شكلتا نحو 15.7 في المئة و15.3 في المئة على الترتيب من إجمالي التجارة الأميركية، مقارنة بـ11.1 في المئة للصين، وفقاً لأحدث البيانات الحكومية.
ومع ذلك، يظل الترابط هائلاً بين أكبر اقتصادين في العالم، وسجل التبادل التجاري بينهما مستوى قياسياً في عام 2022 بقيمة 691 مليار دولار، ولا تزال الولايات المتحدة الشريك التجاري الأول للصين بعد رابطة دول جنوب شرق آسيا والاتحاد الأوروبي.
لكن هذا الواقع قد يتغير في المستقبل، ففي سبتمبر أيلول، قالت غرفة التجارة الأميركية في شنغهاي إن 40 في المئة من المستثمرين يفكرون في إعادة توجيه الاستثمارات المخطط لها في الصين إلى جهات أخرى، وفقاً لاستطلاع قامت به الغرفة.
ويبدو أن المخاطر المتزايدة في الصين، مثل احتمال مداهمة الحكومة الصينية للشركات واحتجاز المديرين التنفيذيين، فضلاً عن الحملة ضد الشركات الاستشارية الدولية، دفعت البعض لتبني نظرة سلبية تجاه الاستثمار في البلاد، وفقاً لوزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو.
حرب الرقائق والتكنولوجيا
تعتبر الصين أكبر سوق في العالم للرقائق الإلكترونية، إذ يستقبل السوق الصيني نحو 36 في المئة من مبيعات الشركات الأميركية، وفقاً لجمعية صناعة الرقائق، التي تمثل منتجي الرقائق الأميركيين.
وتصاعد الخلاف بين الجانبين على مدار العام الماضي حول قدرة الصين على الوصول إلى التكنولوجيا الأميركية المتقدمة في مجال الرقائق، فضلاً عن المواد والمعدات اللازمة لإنشاء تلك التكنولوجيا.
وفي أغسطس آب هذا العام، أعلنت واشنطن أنها ستحد من الاستثمارات الأميركية في التكنولوجيا المتقدمة في الصين، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية والرقائق، لحماية الأمن القومي ومنع استخدام الأموال الأميركية لتمويل الجيش الصيني.
ورداً على هذه الخطوة، فرضت الصين قيودها الخاصة، إذ قيدت صادرات الغاليوم والجرمانيوم، وهما عنصران أساسيان لصنع أشباه الموصلات، خاصة أن الصين هي أكبر منتج للجاليوم في العالم، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
وامتد الصراع إلى بلدان أخرى، ففي الأشهر الأخيرة، انضمت اليابان وهولندا إلى الولايات المتحدة في تشديد القبضة على صادرات معدات تصنيع الرقائق المتقدمة لأسباب أمنية.
ويدور الأمل حول جولة المحادثات الحالية بين الصين والولايات المتحدة في التوصل إلى حل عادل يضمن للطرفين استمرار المنافسة دون الدخول في صراع يؤثر سلباً على أكبر اقتصادين في العالم.
المحادثات العسكرية بين الصين والولايات المتحدة
اتفقت الولايات المتحدة والصين على استعادة التواصل العسكري رفيع المستوى بينهما واتخاذ خطوات لمكافحة مخدر الفنتانيل.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية أن الرئيس الصيني دعا الولايات المتحدة إلى «عدم محاولة قمع أو تقويض الصين»، داعياً واشنطن لوقف تسليح تايوان ودعم إعادة التوحيد السلمي للصين.
ويسعى البلدان لاستعادة المحادثات تدريجياً بعد التوتر الشديد الذي أصاب العلاقات الثنائية عقب زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى تايوان في أغسطس آب 2022.