كان قرار سياسة الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء غير مفاجئ بالنسبة للمراقبين والمستثمرين، حيث أبقى المسؤولون أسعار الفائدة كما هي، تماماً كما فعلوا منذ يوليو تموز 2023.

ولكنْ، هناك قرار آخر جذب انتبه بعض المتداولين، إذ أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه سيُقلص بشكلٍ كبير برنامج التشديد الكمي (QT) -وهو بيع أصول الاحتياطي الفيدرالي لتقليل المعروض النقدي وزيادة أسعار الفائدة- بدءاً من يونيو حزيران هذا العام.

وعقب هذه التصريحات، انخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية، كما انخفض العائد على سندات العشر سنوات وسنتين بمقدار 0.05 نقطة مئوية.

أهمية برنامج التشديد الكمي

استحوذ بنك الاحتياطي الفيدرالي على عددٍ كبيرٍ من السندات المدعومة حكومياً بين عامي 2020 و2022 للمساعدة على دعم التعافي الاقتصادي بعد الركود الناجم عن جائحة كورونا، وأدّت هذه الخطوة إلى خفض أسعار الفائدة في قطاعات معينة، مثل الإسكان ومبيعات السيارات.

وفي منتصف عام 2022 ومع ارتفاع التضخم، بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي بتفريغ تلك السندات.

ويُتيح بنك الاحتياطي الفيدرالي حالياً ما يصل إلى 60 مليار دولار من سندات الخزانة المستحقة كل شهر دون استبدالها، ما يقلل من كمية الأموال المتداولة في الاقتصاد.. والفكرة هي أن برنامج التشديد الكمي يمكن أن يساعد على ممارسة بعض الضغط الهبوطي على الأسعار.

وعلى الرغم من فوائدها، فإن هناك بعض الجوانب السلبية لهذه الاستراتيجية، حيث إن تغيير كمية السيولة في الاقتصاد وإعادة توجيه تلك الأموال يمكن أن يكون له بعض العواقب الجذرية.

وكما أشار جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان تشيس، في رسالته السنوية إلى المساهمين في الشهر الماضي: «لم نشهد قط التأثير الكامل للتشديد الكمي على هذا النطاق». وقال إن الوتيرة الحالية لبرنامج التشديد الكمي تستنزف أكثر من 900 مليار دولار من السيولة من النظام سنوياً، مضيفاً: «أنا أكثر قلقاً بشأن هذا الأمر من معظم الناس».

يعمل برنامج التشديد الكمي على تقليل حجم الأموال في النظام المصرفي، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتشديد الظروف النقدية، ولكن في المرة الأخيرة التي نفذ فيها بنك الاحتياطي الفيدرالي مثل هذا البرنامج عام 2019، كانت بعض البنوك تعاني نقصاً شديداً في الاحتياطيات.

وأدّى ذلك إلى «أزمة إعادة الشراء»، حيث ارتفعت أسعار الفائدة على القروض لليلة واحدة بين البنوك بشكلٍ غير عادي، وكان على بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يتدخل ويوفّر السيولة لخفض أسعار إعادة الشراء هذه.

ولا يريد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول تكرار ما حدث عام 2019، إذ قال في مؤتمره الصحفي الأخير إنه سيتم تقليص فترة برنامج التشديد الكمي قريباً.

وفي يوم الأربعاء، أعلن المسؤولون أنهم سيخفّضون معدل برنامج التشديد الكمي إلى 25 مليار دولار، أي أكثر من نصف المعدل الحالي.

ما تداعيات هذا القرار؟

كتب كريشنا جوها وماركو كاسيراجي من إيفر سكور آي إس آي (Evercore ISI) في مذكرة حديثة: «من المقرر أن يكون الأول من مايو يوماً كبيراً في سوق السندات».

إذا قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيف سياسته التشديدية، «فمن المرجّح أن ترى الأسواق المالية أن التخفيض التدريجي لبرنامج التشديد الكمي أمر إيجابي بالنسبة للاستثمارات الأكثر خطورة مثل الأسهم والسندات على الهامش»، كما كتب بيل آدامز، كبير الاقتصاديين في بنك كوميريكا، في مذكرة حول هذا الموضوع، يوم الثلاثاء.

وذلك لأن التخفيض التدريجي من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار السندات، وانخفاض أسعار الفائدة.

كتب محللو بنك أوف أميركا يوم الثلاثاء أن الخطر «ينحرف نحو ارتفاع للأسهم، من وجهة نظرنا، خاصة في ضوء الإعلان المحتمل عن التخفيض التدريجي لبرنامج التشديد الكمي».

(نيكول غودكايند – CNN)