قال صندوق النقد الدولي، يوم الجمعة، إنه يتوقع أن يتباطأ نمو اقتصاد قطر في المدى القريب ليصل إلى معدلاته الطبيعية، عقب استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022.

وأضاف «تبدو آفاق المدى المتوسط أكثر إيجابية، حيث يُتوقع للنمو المتوسط أن يرتفع إلى نحو 4.5 في المئة مدفوعاً بالتوسع الكبير في إنتاج الغاز الطبيعي المسال، ولا تزال قطر تبدي قدرة كبيرة على الصمود في مواجهة الضبابية العالمية والتوتر الجيوسياسي».

وسيؤدي استمرار المنهج الحذر في سياسات الاقتصاد الكلي والقطاع المالي إلى تدعيم قدرة قطر على الصمود في ظل ارتفاع مستوى عدم اليقين العالمي وتفاقم التوترات الجيوسياسية. كذلك سيؤدي تعجيل الإصلاحات الهيكلية، استرشاداً باستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة إلى إطلاق إمكانات النمو في قطر وتعزيز الاستدامة المناخية.

زيارة خبراء صندوق النقد إلى قطر

وقام فريق من خبراء صندوق النقد الدولي، بقيادة ران بي، بزيارة الدوحة في الفترة من 30 أبريل نيسان إلى 9 مايو أيار 2023 لجمع بيانات عن أحدث التطورات في القطاعين الاقتصادي والمالي، وعن آفاق الاقتصاد المتوقعة، وإجراءات السلطات وخططها بشأن السياسات.

وفي ختام الزيارة، أصدر الفريق بياناً، جاء فيه «استثماراً لزخم الإصلاحات التي أجريت مؤخراً والظهور البارز الذي حققته استضافة مباريات كأس العالم لكرة القدم عام 2022، أطلقت قطر (استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة) في يناير 2024 لتسريع مسيرة التحول نحو (رؤية قطر الوطنية 2030)».

وتتيح «استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة» برنامج عمل يحدد الأولويات والإصلاحات الاستراتيجية اللازمة في السنوات القادمة (2024-2030)، وتقوم الاستراتيجية على تقييم صريح للتقدم المحرز والدروس المستخلصة يسلط الضوء على الحاجة إلى التحول من نموذج النمو المكلف الذي تموله الحكومة إلى نموذج أكثر ديناميكية يقوده القطاع الخاص، على أن تصبح الدولة عاملاً تمكينياً في هذا السياق، وهناك مبادرات جريئة مقترحة للتعجيل بتنويع الاقتصاد، وإعطاء دفعة للإنتاجية والتنافسية، وتعزيز الاستدامة المناخية، وهذه الاستراتيجية الشاملة والطموحة جديرة بالترحيب، كما أن تركيزها الاستراتيجي متسق مع المشورة السابقة من الصندوق.

ولا تزال قطر تبدي قدرة كبيرة على الصمود في مواجهة عدم اليقين العالمي والتوترات الجيوسياسية، ولم يكن للصراع بين إسرائيل وغزة أي تأثير ملموس على قطر، كما أن التوتر الذي يشهده البحر الأحمر لم يؤثر على صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال إلا لفترة مؤقتة نظراً لقيامها بتحويل المسار.

وتتمتع قطر بوضع متميز باعتبارها من البلدان القلائل التي قامت وكالات التصنيف الثلاث برفع تصنيفها الائتماني السيادي في الشهور الماضية. كذلك أكدت المؤشرات عالية التواتر للأسواق المالية قدرة قطر على الصمود.

وقد استمرت عودة النمو إلى وضعه الطبيعي عقب استضافة كأس العالم لكرة القدم، حيث يُقَدَّر نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنحو 1,3% في عام 2023، ومن المرجح أن يستقر النمو على انخفاض في المدى القريب ثم ينتعش بالتدريج إلى 1,75% في 2024-2025، حيث يتلقى نمو الناتج غير الهيدروكربوني الدعم من استثمارات القطاع العام، ومكتسبات مشروع التوسع الجاري في إنتاج الغاز الطبيعي المسال، وحركة السياحة القوية.

وتبدو آفاق المدى المتوسط أكثر إيجابية، إذ يُتوقع أن يصل النمو المتوسط إلى نحو 4,5%، على إثر التوسع الكبير في إنتاج الغاز الطبيعي المسال عند استكمال مشروعي التوسعة الشرقي والجنوبي لحقل الشمال، وكذلك زيادة قوة النمو غير الهيدروكربوني عند البدء في جني الثمار الأولى لتنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، وسيؤدي مشروع توسعة حقل الشمال الغربي الذي أُعلِن مؤخراً إلى زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال بنسبة إضافية قدرها 20% بحلول عام 2030، ما يؤدي إلى مزيد من التحسن في آفاق المدى المتوسط. ومن المتوقع أن يتراجع التضخم الكلي إلى 2,5% في عام 2024 وأن يقترب بالتدريج من 2% على المدى المتوسط.

ومن المرجح أن يستمر تحقيق فوائض في الحساب الخارجي وحساب المالية العامة على المدى المتوسط، مع افتراض ارتفاع أسعار الهيدروكربونات واستمرار حصافة إدارة المالية العامة. وتتسم المخاطر التي تواجه آفاق النمو بالتوازن على وجه العموم.

وقد تم الحفاظ على الانضباط المالي واسع النطاق، ويجري العمل على تنفيذ العديد من الإصلاحات الهيكلية على مستوى المالية العامة. ومن المقدر أن يبلغ فائض الموازنة الكلي 5,5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2023، مع تحسن الفائض الأولي غير الهيدروكربوني بأكثر من نقطتين مئويتين من إجمالي الناتج المحلي غير الهيدروكربوني، ما يشير إلى استمرار الضبط المالي، ومن المقدر أيضاً أن ينخفض دين الحكومة المركزية بنحو 3 نقاط مئوية إلى أقل من 40% من إجمالي الناتج المحلي بحلول نهاية 2023.

وتحتوي ميزانية 2024 على مزيد من التخفيضات في الإنفاق مقارنة بنتائج عام 2023، مدفوعة في ذلك بالإنفاق الرأسمالي، وقد تم تحديث الميزانية متوسطة الأجل (2024- 2026) لتعكس تمويل مبادرات الإصلاح في إطار استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، وبالإضافة إلى ذلك، هناك عدد من الإصلاحات الجارية على مستوى المالية العامة، بما في ذلك تحسين عملية الميزانية، وتعزيز كفاءة الإنفاق، وتدعيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص.