عاود الجنيه المصري تراجعه أمام الدولار الأميركي يوم الأربعاء، ليسجل نحو 26 جنيهًا للدولار، وهو مستوى غير مسبوق، وبحسب بيانات رفينيتيف؛ فإن تراجع اليوم هو الأكبر منذ خفض أكتوبر تشرين الأول، إذ فقد الجنيه المصري منذ صباح اليوم ما يقارب 7 في المئة من قيمته مقابل الدولار.

ويأتي هذا التحريك للجنيه المصري في إطار اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي على الحصول على القرض الممدد بقيمة 3 مليارات دولار مقابل بعض الشروط، أهمها: تطبيق سعر صرف مرن، والإفراج عن البضائع المكدسة بالموانئ.

قال الدكتور هشام إبراهيم أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة لـ«CNN الاقتصادية» إن «التوقيت جيد لتحريك سعر صرف الدولار، حيث إن هناك وفرة من النقد الأجنبي في مصر ظهرت من خلال تدبير البنوك للدولار للإفراج عن بضائع مكدسة في الموانئ، ووفاء الدولة بالتزامات خارجية بقيمة 2,5 مليار دولار، بالإضافة لارتفاع احتياطي البنك المركزي بـ500 مليون دولار، أظن أن سعر الصرف سيستمر في الارتفاع في الفترة المقبلة قبل أن يستقر لعدة أشهر، كما أتوقع انخفاضه بعد عدة أشهر».

أضاف السيد إبراهيم أن «هذا القرار سيساعد بشدة في كبح السوق الموازية، وبالتالي في جذب الكثير من الاستثمارات الأجنبية التي كانت معطلة بسبب عدم وجود سعر صرف واقعي داخل السوق المصرية».

سبق تخفيض قيمة الجنيه في معاملات صباح الأربعاء، إصدار بنك مصر والبنك الأهلي -وهما أكبر بنكين مملوكيين للدولة- إصدار شهادات ادخارية بعائد سنوي يصل إلى 25%، وهي منتجات مصرفية ذات شعبية عالية في مصر؛ حيث إنها توفر دخلًا ثابتًا للكثير من الأسر غير القادرة على العمل أو في تحسين دخل جزء كبير من حائزيها.

ويرى عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية أن «إصدار هذه الشهادات سيساعد على تقليل حجم السيولة في السوق للسيطرة على التضخم الذي وصل إلى 21% حسب إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الأخيرة ولزيادة السيولة داخل البنوك وللحفاظ على القوة الشرائية لبعض الأسر المصرية التي تعيش من ريع الشهادات الادخارية ومنحها نسبة فائدة تتخطى نسبة التضخم».

تعول مصر التي تواجه أزمة في توفير الدولار الأميركي منذ خروج نحو 20 مليار دولار من السوق المحلي بسبب الحرب في أوكرانيا، على رفع الفائدة على الجنيه لجذب ودائع المواطنين بالعملة المحلية، ولكن إصدار هذه الشهادات ذات الفائدة المرتفعة سيكون له آثاره على الاقتصاد.

يقول السيد إن «الفائدة المرتفعة على الشهادات الادخارية صباح اليوم سيكون لها آثار سلبية، حيث إنها ستقلل الاستثمار الداخلي كما أنها ستدفع الدولة إلى رفع الفائدة على السندات وأذون الخزانة، كل واحد في المئة زيادة على أذون الخزانة يثقل الموازنة العامة بنحو 8 مليارات جنيه مصري».

من جانبها، قالت عالية المهدي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة لـ«CNN الاقتصادية» في اتصال من الولايات المتحدة إن «إصدار هذه الشهادات سيكون مفيداً شريطة تراجع الإصدار النقدي الذي وصل إلى عشرة في المئة خلال الأعوام الخمسة الماضي، وبشرط ألا يتجاوز إصدار هذه الشهادات مدة شهر. وأن يتبعها إصدارات أخرى بأسعار فائدة متراجعة حتى لا تحمل العجز في الموازنة بأعباء إضافية، وحتى لا يتعرض الاستثمار الخاص للتوقف بسبب ارتفاع سعر فائدة الاقتراض».

فقد الجنيه المصري ما إجماليه 68,4 في المئة من قيمته خلال سلسلة من مراجعات سعر الصرف في مصر، والتي بدأت في 21 مارس آذار الماضي، فقبل نحو تسعة أشهر من الآن كان الدولار يباع بنحو 15,7، واليوم وبعد التحريك الثالث وصل الدولار إلى 26,45 جنيه.