تترقب الأسواق اجتماعاً رئيسياً في الصين في منتصف يوليو تموز المقبل بحثاً عن إشارات بشأن اتجاه اقتصاد الصين في الوقت الذي يظهر فيه إشارات تباطؤ، رغم سعي صناع السياسات إلى دفعه وتحفيزه.
وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن الاجتماع الذي سيعقد في الفترة من 15 إلى 18 يوليو 2024 «سيبحث في المقام الأول القضايا المتعلقة بمواصلة تعميق الإصلاح بشكل شامل والاستمرار في تحفيز الاقتصاد الصيني».
وفي هذا الصدد، قال رئيس بنك الشعب الصيني بان جونغ شنغ في يونيو حزيران 2024، إن «الاقتصاد يعاني تعقيداً وشدة وعدم اليقين في البيئة الخارجية»، لكنه حذر من أن السلطات لن تلجأ إلى إجراءات تحفيز ضخمة وستمارس الاعتدال بدلاً من ذلك.
وأعلنت الصين في وقت سابق من هذا العام عن هدف طموح يتمثل في تحقيق نمو اقتصادي يبلغ خمسة في المئة عام 2024، واليوم بعد مرور ما يقرب من سبعة أشهر من عام 2024 يبرز تساؤل حول قدرة الحكومة الصينية على تحقيق ذلك في ظل التحديات العالمية.
آفاق جديدة للنمو
في أعقاب السياسات الاقتصادية المنفتحة والإصلاحية التي اتبعتها الحكومة في السبعينيات والثمانينيات، أصبح معدل النمو الاقتصادي في الصين لا مثيل له، إذ ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 3000 في المئة في العقود الأخيرة، الأمر الذي دفع العديد من المحللين إلى الإشارة إلى النمو الاقتصادي في الصين باعتباره «معجزة»، وفقاً تقرير حديث للمنتدى الاقتصادي العالمي.
لكن النمو الاقتصادي في الصين تباطأ في السنوات الأخيرة، ومن المتوقع أن يتباطأ إلى 3.3 في المئة بحلول عام 2029، بحسب صندوق النقد الدولي، لذا يؤكد الخبراء أن الصين ستكون في حاجة إلى سبل جديدة للحفاظ على النمو المطّرد، ويشمل ذلك التوسع في الصناعات الجديدة والمحولة مثل الذكاء الاصطناعي والخدمات المالية الرقمية والتقنيات الخضراء.
وأشار أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، جين كيو، في تعليقات نقلها تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أن «هناك حاجة إلى استثمارات بتريليونات الدولارات من أجل التحول الأخضر العالمي»، مضيفاً أن «الصين ستلعب دوراً أساسياً للغاية في هذا التحول».
وبالفعل، يمثل قطاع الطاقة النظيفة المتوسع في الصين ما يقدر بنحو 40 في المئة من إجمالي التوسع الاقتصادي للبلاد في عام 2023، كما تضاعف إنفاق القطاع الخاص على البحث والتطوير في السنوات الخمس الماضية.
ووجد تقرير توقعات كبار الاقتصاديين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لشهر مايو أيار 2024، وهو استطلاع لكبار الاقتصاديين في العالم، أن المحللين يتوقعون على نطاق واسع مزيداً من النمو في الصين.
ومن بين الاقتصاديين الذين شملهم الاستطلاع في التقرير، قال نحو 75 في المئة إنهم يتوقعون نمواً معتدلاً في الصين، ويمثل هذا الرقم زيادة على 69 في المئة الذين توقعواً نمواً معتدلاً في يناير كانون الثاني.
تحديات ورياح معاكسة
يشير المحللون إلى أنه رغم التوقعات الاقتصادية الإيجابية للصين لعام 2024، فإن العقبات والعوائق التي تعترض النمو لا تزال قائمة، ويشمل ذلك التوترات الجيوسياسية والتفتت الاقتصادي العالمي.
وفي العام الماضي، قدّر صندوق النقد الدولي أن التفتت الاقتصادي وزيادة القيود التجارية الدولية يمكن أن تكلفا الاقتصاد العالمي 7.4 تريليون دولار وتخفضا الناتج الاقتصادي العالمي بنسبة تصل إلى سبعة في المئة.
ويرى الخبراء الذين تحدثوا في استطلاع المنتدى الاقتصادي العالمي أن التوترات بين الولايات المتحدة والصين تشكل تهديداً كبيراً للتنمية الاقتصادية في جميع أنحاء العالم، وخاصة بالنسبة للاقتصادات النامية.
ويقون جين كيو، إنه «لضمان النمو الاقتصادي المستدام، نحتاج إلى التأكد من انفتاح الاقتصاد الصيني للأعمال التجارية العالمية والتأكد من انفتاح العالم أمام الصين».
في غضون ذلك، تسعى بكين إلى دفع الاتحاد الأوروبي لإلغاء تعريفاته الأولية التي تتراوح بين 17 في المئة و38 في المئة على واردات السيارات الكهربائية من الصين بحلول الرابع من يوليو تموز 2024، كما تُصارع مع زيادة التعريفات الأميركية على واردات السيارات الكهربائية من 25 في المئة إلى 100 في المئة.
لذلك ينتظر الاقتصاديون اجتماع صناع السياسات في الصين خلال يوليو، على أمل أن يحل الاجتماع حالة عدم اليقين ويكشف تفاصيل استراتيجية بكين المستقبلية في مواجهة التحديات، وتحقيق مستويات النمو المنشودة.