قالت أوكرانيا، يوم الاثنين، إنها توصلت إلى اتفاق مبدئي مع مجموعة من الدائنين لإعادة هيكلة سندات دولية بقيمة 20 مليار دولار، ما يجعل الدولة التي مزقتها الحرب أقرب إلى إعادة صياغة غير مسبوقة لديونها.
ويأتي إعلان أوكرانيا قبل ما يزيد قليلاً على أسبوع من انتهاء اتفاق تعليق الديون لمدة عامين المبرم في عام 2022، ويمثل المرة الأولى التي يشرع فيها بلد ما في إعادة هيكلة الديون في خضم حرب واسعة النطاق، بحسب رويترز.
وقال وزير المالية سيرهي مارشينكو «بعد أشهر من المشاركة والعمل الجاد مع حاملي السندات من القطاع الخاص و صندوق النقد الدولي وشركائنا الثنائيين، توصلنا إلى اتفاق من حيث المبدأ مع لجنة الدائنين المخصصة بشأن إعادة الهيكلة الشاملة لديوننا الخارجية العامة».
وأضاف أن هذه خطوة مهمة لضمان حفاظ أوكرانيا على استقرار الميزانية والموارد النقدية اللازمة لمواصلة تمويل دفاعها.
الأوضاع المالية في أوكرانيا
تعد الأوضاع المالية في أوكرانيا محفوفة بالمخاطر مع استمرار حربها مع روسيا المستمرة منذ 28 شهراً، لقد أدى الغزو الروسي عام 2022 إلى تدمير اقتصادها، ما جعلها تعتمد بشكل كبير على المال، والمساعدات العسكرية، من الشركاء الدوليين.
قالت مصادر قريبة من المحادثات ومحللون إن الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر تشرين الثاني وخطر التراجع عن الالتزام بمواصلة الدعم لأوكرانيا في ظل رئاسة دونالد ترامب المحتملة تزيد الضغوط من أجل إعادة هيكلة الديون.
ويشهد الاقتراح تخفيضاً اسمياً بنسبة 37 في المئة على السندات الدولية المستحقة لأوكرانيا، ما يوفر على كييف 11.4 مليار دولار من المدفوعات على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وهي مدة برنامج البلاد مع صندوق النقد الدولي المقرر أن ينتهي في عام 2027، وفقاً لبيان الحكومة.
وقالت الحكومة إن صندوق النقد الدولي أكد أن الصفقة متوافقة مع معايير حزمة الدعم البالغة 122 مليار دولار، وأن المقرضين الرسميين للبلاد، مجموعة الدائنين في أوكرانيا، وقعوا عليها أيضاً.
وقال رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال في رسالة على تطبيق تيليغرام إن الاتفاق سيحرر الموارد لتلبية الاحتياجات العاجلة، بما في ذلك الدفاع والحماية الاجتماعية والتعافي.
ووصفت لجنة الدائنين المخصصة، التي تمتلك 22 في المئة من السندات السيادية للبلاد، الاتفاق بأنه «سريع وبناء».
وقالت في بيان «يسعدنا أن نكون قادرين على تخفيف عبء الديون بشكل كبير عن أوكرانيا، ومساعدة جهودها لاستعادة وصولها إلى أسواق رأس المال الدولية، ودعم إعادة الإعمار في المستقبل».
تفاصيل مقترح إعادة هيكلة الديون
وبموجب الاقتراح، ستبدأ بعض السندات الجديدة الصادرة في دفع قسيمة بنسبة 1.75 في المئة اعتباراً من العام المقبل، مع زيادة المدفوعات إلى ما يصل إلى 7.75 في المئة اعتباراً من عام 2034 فصاعداً.
حاملو السندات يصطفون كذلك للحصول على رسوم الموافقة
وكانت مدفوعات الفائدة قضية شائكة في المحادثات، وسعى حاملو السندات إلى الحصول على حوافز مالية للموافقة على إعادة صياغة الخطة، في حين اعترض شركاء أوكرانيا الدوليون مثل مجموعة دول السبع وصندوق النقد الدولي على تحويل مبالغ كبيرة من الأموال إلى المقرضين من القطاع الخاص وبعيداً عن الموارد المالية الحكومية المتوترة.
وستبلغ المدفوعات لحاملي السندات بموجب الصفقة أقل من مئتي مليون دولار حتى نهاية عام 2025.
وفي حين تبلغ القيمة الاسمية للسندات 19.7 مليار دولار، فإن أوكرانيا مدينة بنحو 23 مليار دولار مع الفوائد المتأخرة.
ارتفعت السندات الدولية بأكثر من 5 سنتات بعد الإعلان، مع تداول معظم آجال الاستحقاق عند نحو 35 سنتاً وفي أقوى مستوياتها منذ نحو عامين.
ولم تكن ضمانات الناتج المحلي الإجمالي في أوكرانيا البالغة 2.6 مليار دولار -وهي أدوات الدخل الثابت المرتبطة بقوة النمو الاقتصادي- جزءاً من إعادة الهيكلة، على الرغم من أن الحكومة قالت إنها «ستضمن المعاملة العادلة والمنصفة لحاملي الضمانات».
وسيصوت حاملو السندات على الاقتراح في الأسابيع المقبلة، إذا كان هناك ما يكفي من التوقيع، ستقوم الحكومة بإصدار سندات جديدة.
ومن المقرر أن يتم سداد الدفعة الأولى في أعقاب التجميد لمدة عامين في الأول من أغسطس آب، لكن أوكرانيا أقرت الأسبوع الماضي قانوناً يسمح لها بالتخلف عن الدفع -والدخول في العجز عن سداد الديون، ولو مؤقتاً- أثناء الانتهاء من الاتفاق.
وستكون صفقة الديون هي الثانية لأوكرانيا خلال عقد من الزمان بمبادرة من جارتها، «إعادة هيكلة أوكرانيا في عام 2015» بعد ضم موسكو لشبه جزيرة القرم.
وقال مارشينكو في البيان «بمجرد اكتمال عملية إعادة الهيكلة هذه، ستمهد الطريق كذلك لعودة دخول السوق الأوكرانية في أقرب وقت ممكن عندما يستقر الوضع الأمني لتمويل التعافي السريع وإعادة الإعمار في بلادنا».