وضعت إيران وروسيا يوم الثلاثاء اللمسات الأخيرة على اتفاقية التعاون الشامل بين البلدين، ما يمهّد الطريق لتوقيع وثيقة تاريخية سيكون لها أبعاد سياسية واقتصادية مهمة، فماذا تُعني هذه المعاهدة؟

قال نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، في مقابلة مع وكالة تاس الروسية «خلال مشاورات مثمرة للغاية بين خبراء من الإدارات القانونية والإقليمية لوزارتي خارجية البلدين التي عقدت في موسكو في 21 يونيو حزيران، انتهينا من النص، وأطلقت الإجراءات الداخلية اللازمة للتحضير للتوقيع في إطار التفاعل الثنائي رفيع المستوى، ونأمل أن نشهد قريباً هذا الحدث التاريخي».

ويشير رودينكو إلى أن تحرير مثل هذه الوثيقة الجادة، التي تهدف إلى رفع مكانة العلاقات الروسية الإيرانية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، استغرق ما يقرب من عامين ونصف العام، قائلاً «اليوم يمكن اعتبارها مكتملة».

وفي هذا الصدد، قال أبو بكر الديب، الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي ومستشار المركز العربي للدراسات «هذا التعاون الشامل بين إيران وروسيا يأتي في إطار توجه العالم نحو تعدد القطبية، روسيا والصين يحاولان منافسة الولايات المتحدة على قيادة العالم».

وأضاف الديب في تصريحات لـ«CNN الاقتصادية»، «أعتقد أنه بعد هذه المعاهدة ستزداد العلاقات أكثر بين إيران وروسيا، ويزداد بالمقابل القلق الأميركي والإسرائيلي والغربي أكثر وأكثر من هذا التعاون بين دولتين رئيسيتين في العالم».

وجاء ذلك بعد أسابيع من زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية، وعقد أيضاً اتفاقية للتعاون الشامل وكانت تعني تعاوناً في كل المجالات وخاصة العسكرية، وهو ما أقلق الجانب الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة.

وذكر الديب «روسيا تحاول زيادة نفوذها، وعلاقاتها، وقوتها الاستراتيجية والجيو عسكرية والجيوسياسية من خلال التعاون مع الوثيق مع كوريا الشمالية، وأيضاً التعاون مع الهند، والصين، وأخيراً التعاون مع إيران».

علاقات اقتصادية تتحدى الدولار

شهد التبادل التجاري بين روسيا وإيران في نهاية عام 2023 انخفاضاً إلى نحو 4 مليارات دولار مقارنة بعام 2022 الذي سجل رقماً قياسياً بلغ 4.9 مليار دولار، وفقاً لغرفة التجارة والصناعة الروسية.

وقال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، في تصريحات نقلتها وكالة تاس إن «إجمالي حجم الصادرات من روسيا بلغ 2.7 مليار دولار، ومن إيران نحو 1.3 مليار دولار»، مضيفاً أنه يرى إمكانية نمو حجم التجارة بين البلدين.

ويقول الديب خبير الاقتصادي السياسي إن معاهدة التعاون الشامل تأتي في إطار سعي روسيا لاحتلال مكانة قوية على مستوى العالم ومنافسة تحالف الناتو، والاتحاد الأوروبي، وفي هذا الإطار سيزداد التعاون العسكري والاستراتيجي والسياسي والمخابراتي والاقتصادي وغير ذلك من مجالات.

وفي وقتٍ سابق من يوليو تموز الجاري، أعلن رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، أن جميع المعاملات بين إيران وروسيا تتم الآن بالريال والروبل دون استخدام عملة الدولار، بهدف مواجهة آثار العقوبات الأميركية ضد البلدين.

وقال قاليباف «أتاحت لنا مجموعة البريكس فرصة مهمة للغاية فيما يتعلق بإلغاء الدولرة، فإن جميع المعاملات بين إيران وروسيا الآن بدون دولارات.. كل هذا بسبب الأساليب غير الصحيحة والخاطئة التي اتبعتها أميركا»، وفقاً لما نقلته وكالة روسيا اليوم التابعة للدولة.

كما وقّعت البلدان أول اتفاقية نقدية ثنائية هذا الشهر، وأوضح محافظ البنك المركزي الإيراني، محمد رضا فرزين، أنه مع الاتفاقية النقدية، ستكون عمليات التبادل على أساس العملات المحلية الريال والروبل، ولا داعي لاستخدام عملة أخرى، وستكون بداية قفزة في التبادلات التجارية للبلاد.

وأشار الديب إلى أن العالم يتجه رويداً رويداً إلى متعدد الأقطاب، قائلاً «وقعت روسيا خلال السنوات الماضية أو سعت هي والصين إلى العديد من التحالفات السياسية والاقتصادية، ومن بينها تحالف البريكس، من أجل مواجهة مجموعة السبع الكبار أو منافستها على الأقل على المستوى الاقتصادي».