تمثل زيارة الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، إلى الهند حدثاً استراتيجياً بارزاً يعكس عمق العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات والهند.

ويبدأ الشيخ خالد بن محمد بن زايد، الأحد 8 سبتمبر أيلول 2024 الجاري، زيارة رسمية إلى الهند، يلتقي خلالها رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، في العاصمة نيودلهي، ويبحث خلال الزيارة مع كبار المسؤولين في الهند سُبل تعزيز فرص التعاون المشترك في القطاعات الحيوية الاقتصادية المختلفة، والبناء على ما وصلت إليه العلاقات الاستراتيجية من تطور خلال الفترة الماضية، بما يخدم المصالح المشتركة ويعود بالخير والنفع على البلدين وشعبيهما الصديقين.

ويرافق الشيخ خالد بن محمد بن زايد، في زيارته إلى الهند، وفد رفيع المستوى يضم عدداً من الوزراء وكبار المسؤولين ورجال الأعمال والاقتصاد في الدولة، ومن المقرر أن يحضر عدداً من الفعاليات التي تعكس عمق ومتانة الروابط الاقتصادية والثقافية التي تجمع بين دولة الإمارات والهند.

وفي ضوء اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات والهند، والتي دخلت حيز النفاذ بدءاً من تاريخ 1 مايو أيار 2022، تأتي أهمية هذه الزيارة، التي تعمل في إطار توسيع آفاق التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، ما يؤكد أهمية تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين الجانبين.

أهمية الزيارة

تمثل الزيارة، خطوة جديدة ومهمة في مسار تعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين التي باتت نموذجاً دولياً يُحتذى في التعاون البناء في المجالات لا سيما التعاون الاقتصادي، وتحفيز الاستثمارات، والتجارة البينية، وتعزيز التنمية المستدامة، ومواجهة تحديات التغير المناخي، ودعم الاستقرار والسلام العالمي.

تستمد العلاقات الإماراتية – الهندية قوتها وزخمها من تاريخ طويل من اللقاءات الثنائية بين قادة الدولتين يعود إلى يناير كانون الثاني 1975 حين قام الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات بزيارة تاريخية إلى الهند، التقى خلالها فخر الدين علي أحمد، رئيس الهند آنذاك، وأنديرا غاندي، رئيسة وزراء الهند آنذاك، وشهدت الزيارة التوقيع على الاتفاقية الثقافية بين الإمارات والهند، والتي تعد الإطار الأساسي لتعزيز العلاقات الثقافية بين الشعبين الصديقين، كما زار الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الهند في أبريل نيسان 1992، وشهدت الزيارة توقيع الاتفاقية الثنائية لتجنب الازدواج الضريبي على الدخل ورأس المال بين البلدين.

وشكلت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات إلى الهند في يناير 2017، نقلة نوعية في العلاقات الثنائية بين البلدين، إذ شهدت التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة إلى جانب 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم أخرى بين البلدين في مجالات مختلفة.

وفي المقابل، قام ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند، بأول زيارة إلى دولة الإمارات في أغسطس آب 2015 تلتها بعد ذلك 6 زيارات أخرى في فبراير شباط 2018، وأغسطس آب 2019، ويونيو حزيران 2022، ويوليو تموز 2023، وديسمبر كانون الأول 2023، وفبراير شباط 2024.

وبلغت العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات والهند آفاقاً جديدة في 18 فبراير شباط 2022، وذلك من خلال بيان الرؤية المشتركة بين البلدين، الذي تم إطلاقه افتراضياً بحضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات، وناريندرا مودي رئيس وزراء الهند، حيث اتفق الجانبان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وبالتحديد في مجالات الاقتصاد، والثقافة، والطاقة، والعمل المناخي، والطاقة المتجددة، والتقنيات والمهارات، والأمن الغذائي والصحة، والتعليم، والمشاركات الدولية، والدفاع والأمن.

اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة

وعلاوة على ذلك، تم توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) التي تهدف إلى زيادة الاستثمار والتدفقات التجارية على أساس التعريفات المنخفضة وزيادة الكفاءة التنظيمية، ما يمهد الطريق لزيادة حجم التبادل التجاري الثنائي غير النفطي إلى 100 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030.

وحتى عام 2024 أحرزت جهود كل من دولة الإمارات وجمهورية الهند، تقدماً كبيراً في الحفاظ على روابطهما المستمرة من خلال عقد 14 جولة للجنة المشتركة، آخرها بتاريخ 1 سبتمبر أيلول 2022 في أبوظبي إلى جانب عقد 3 جلسات للحوار الاستراتيجي بين البلدين، كان آخرها الجلسة التي عقدت في 2 سبتمبر أيلول 2022 في أبوظبي، برئاسة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وإس جايشانكار وزير شؤون خارجية الهند.

وتدعم الإمارات والهند بعضهما البعض في المحافل الدولية، وتعملان على تعزيز التعاون في الكثير من القضايا الدولية مثل التغير المناخي، التنمية المستدامة، والسلام العالمي.

مجالات التعاون الاقتصادي

يشهد التعاون الاقتصادي بين دولة الإمارات والهند زخماً متواصلاً، في مجالات وأنشطة الاقتصاد الدائري والسياحة والطيران وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والتحول الرقمي، والنقل.

وتعد اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات والهند التي تم توقيعها في 18 فبراير 2022 أول اتفاقية ثنائية تبرمها الإمارات ضمن برنامج الاتفاقيات الاقتصادية العالمية.

وارتفع إجمالي التجارة غير النفطية بين البلدين بنسبة 3.94% من 51.4 مليار دولار في عام 2022 إلى 53.4 مليار دولار في عام 2023.

وبلغ إجمالي التدفقات الاستثمارية الإماراتية إلى الهند نحو 16.2 مليار دولار للفترة من 2019 إلى 2023، في حين بلغت استثمارات الهند في الإمارات 7.76 مليار دولار خلال الفترة ذاتها.

وتتضمن الاستثمارات الإماراتية في الهند قطاعات متعددة أبرزها الطاقة المتجددة، والمعادن، والبرمجيات، وخدمات تكنولوجيا المعلومات، والمواد الكيميائية، وتصنيع المعدات الأصلية للسيارات، وتعتبر الجالية الهندية أكبر جالية أجنبية في الإمارات وتسهم بشكل كبير في الاقتصاد المحلي.