تتحمل الشركات الصغيرة المسؤولية عن الغالبية العظمى من التهرب الضريبي في المملكة المتحدة، لكن هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية لا تملك استراتيجية لمكافحة المشكلة، وفقاً لهيئة مراقبة الإنفاق البرلمانية.
في تقرير جديد ركّز على التهرب الضريبي في قطاع التجزئة، سلّط المكتب الوطني للرقابة الضوء على عمليات الاحتيال التي تقوم بها الشركات التي تقلل من التصريح عن دخلها أو تتقدم بطلب إفلاس بشكل مصطنع لتجنب فواتير الضرائب قبل إعادة إطلاقها كشركات «فينيكس» تدير الأعمال نفسها.
وبحسب صحيفة فايننشال تايمز قال جاريث ديفيز، رئيس مكتب التدقيق الوطني، الذي أصدر تقريره يوم الاثنين: «على الرغم من تزايد التهرب الضريبي بين الشركات الصغيرة، فإن هيئة الإيرادات والجمارك تفتقر حتى الآن إلى استجابة استراتيجية فعّالة».
تعهد حزب العمال، الذي فاز بالسلطة في يوليو تموز، بجمع 5 مليارات جنيه إسترليني إضافية سنوياً للخزانة العامة بحلول عام 2029-2030 من خلال معالجة التهرب الضريبي.
وتشير تقديرات هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية إلى أن التهرب الضريبي من قِبل الشركات الصغيرة ارتفع إلى 4.4 مليار جنيه إسترليني عام 2022-2023، وهو ما يمثّل 81 في المئة من الإجمالي مقارنة بـ66 في المئة في عام 2019-2020.
لدى مصلحة الضرائب استراتيجية لمعالجة جميع أشكال عدم الامتثال، بما في ذلك تلك الناجمة عن أخطاء دافعي الضرائب، لكنها لا تركّز بشكلٍ خاص على معالجة التهرب الضريبي.
وأضاف مكتب التدقيق الوطني أن «هذا يعني أنه لم يكن هناك تركيز كافٍ على بعض أشكال التهرب الضريبي المنتشرة في قطاع التجزئة».
وسلّطت الهيئة الرقابية الضوء على عمليات احتيال مثل قمع المبيعات الإلكترونية، حيث يستخدم تجار التجزئة برامج الكمبيوتر لتقليل القيمة المسجلة للمعاملات وتقديم عائدات منخفضة بشكلٍ مصطنع، وتتضمن أشكال أخرى من الاحتيال إنتاج مجموعات «وهمية» من الحسابات أو تشغيل دفاتر الحسابات في وضع التدريب لتقليل الأرباح الخاضعة للضريبة.
وبحسب تقديرات هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية لعام 2019، فإن هذه الاحتيالات تكلف الخزانة 450 مليون جنيه إسترليني سنوياً.
وقدرت الهيئة أن الشركات «المتهربة» كانت مسؤولة عن أكثر من 500 مليون جنيه إسترليني من الخسائر الضريبية في عامي 2022 و2023، لكن مكتب التدقيق الوطني أشار إلى أن دائرة الإفلاس استبعدت سبعة مديرين فقط بسبب هذه الممارسة في السنوات الست الماضية.
كما أن إدخال تأسيس الشركات عبر الإنترنت عام 2011 جعل من «السريع والسهل إنشاء الشركات في المملكة المتحدة عبر الإنترنت من أي مكان في العالم، ما يجعل المملكة المتحدة عرضة للتهرب الضريبي من الشركات الاحتيالية»، بحسب التقرير.
وقال مكتب التدقيق الوطني إن الارتفاع في تسجيل الشركات الجديدة قبل تطبيق متطلبات أكثر صرامة في Companies House، مسجل الشركات في المملكة المتحدة، «قد يشير إلى ارتفاع محتمل لخطر الاحتيال في قطاع التجزئة».
تبلغ تكاليف التهرب من ضريبة القيمة المضافة من قِبل تجار التجزئة الأجانب الذين يبيعون عبر الإنترنت نحو 300 مليون جنيه إسترليني سنوياً، لكن مكتب التدقيق الوطني أشار إلى أن هيئة الإيرادات والجمارك قالت إنها جمعت 1.5 مليار جنيه إسترليني إضافية سنويًا منذ عام 2021، ما يجعل الأسواق عبر الإنترنت مسؤولة عن ضريبة القيمة المضافة من البائعين في الخارج.
ويأتي تقرير مكتب التدقيق الوطني بعد أن أظهرت بيانات رسمية الشهر الماضي أن عدد الشركات الكبرى في المملكة المتحدة التي تخضع للتحقيق من قبل هيئة الإيرادات والجمارك بسبب احتمال عدم سداد الضرائب قد وصل إلى أدنى مستوى له في خمس سنوات.
وقال ديفيز «إن معالجة التهرب الضريبي ليست مهمة سهلة، ولكن هناك فرصاً حقيقية لهيئة الإيرادات والجمارك للعمل بشكلٍ أكثر منهجية في مختلف أنحاء الحكومة للحد من هذه الظاهرة».
ومن الممكن أن يؤدي فرض ضوابط أكثر صرامة والمزيد من العمل على الامتثال إلى جمع مبالغ كبيرة وتحسين القيمة مقابل المال.
قال بول موناجان، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الضرائب العادلة: «لفترة طويلة للغاية، ركزت مناقشة التهرب الضريبي في المملكة المتحدة على الشركات المتعددة الجنسيات فقط».
ومن المرجّح أن يكون التهرب الضريبي من قبل الشركات الصغيرة أكثر تأثيراً، إن لم يكن أكثر.
قالت هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية إنها جمعت 843 مليار جنيه إسترليني من الإيرادات الضريبية العام الماضي، وتعمل مع دائرة الإفلاس وبيت الشركات «لمعالجة التهرب الضريبي في خدمات البيع بالتجزئة والخدمات عبر الإنترنت».
وقالت الحكومة البريطانية في بيان، «إن المملكة المتحدة لديها واحدة من أدنى الفجوات الضريبية المسجلة في العالم، لكن الحكومة ملتزمة بتقليصها بشكل أكبر».
وفي حين تدفع الغالبية العظمى من الشركات الضريبة المستحقة، فإننا سنواصل استخدام سلطاتنا المدنية والجنائية ضد الأقلية المصممة التي ترفض اللعب وفقاً للقواعد، وقد ساعدنا هذا الإجراء في حماية 41.8 مليار جنيه إسترليني في الأشهر الاثني عشر الماضية.