لم يمضِ وقت طويل منذ أن تنافس المرشحون المتنافسون على البيت الأبيض على كسب تأييد الناخبين من خلال تقديم خطط طموحة لخفض عجز الميزانية الأميركية، بل وتقترح بعض الخطط ترك البلاد بلا عجز على الإطلاق.

ولكن الآن، ومع تنامي مخاطر العجز المتزايد والديون المتراكمة، لا يبذل الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس سوى القليل من الجهود لمعالجة هذه المشكلة، بل على العكس تماماً، تشير العديد من المجموعات غير الحزبية إلى أن أجندتيهما للسياسة الاقتصادية، إذا تم إقرارهما، من شأنها أن تضيف إلى العجز المتزايد باستمرار.

ولا يمكن أن يتجاهل الرئيس هذه المشكلة الكبيرة، فالأميركيون ينتظرون منه أن يتصدى لها بكل جدية، خاصةً أن الأمر يتعلق بقضايا جوهرية مثل السكن والاستعداد للأزمات الطارئة مثل كوفيد.

ويحدث عجز الموازنة عندما تتجاوز مصروفات الدولة الإيرادات الضريبية التي تمثل المصدر الأساسي لدخلها، وتعوض الحكومة الفرق عن طريق اقتراض الأموال من خلال بيع الأوراق المالية مثل سندات الخزانة.

ومن المتوقع أن يتسع العجز في ظل الوضع الراهن وقد يزداد سوءاً في ظل مقترحات كل من هاريس وترامب، إذا تم إقرارها.

وخلال المناظرة الرئاسية بين ترامب وهاريس في وقت سابق من هذا الشهر، تم ذكر عجز الميزانية مرتين فقط، عندما هاجمت هاريس ترامب بسبب مقترحاته، التي من المتوقع أن تضيف إلى العجز أكثر بكثير من مقترحاتها.

ومع ذلك، لم تتحدث هاريس ولا ترامب عن محاولة خفض العجز، ولم يسأل المشرفون على المناظرة عن ذلك.

لقد أصبحت الولايات المتحدة غارقة في الديون بالفعل، حيث وصل الدين العام إلى مستوى قياسي بلغ 28 تريليون دولار، أي ما يعادل تقريباً حجم اقتصاد البلاد بأكمله.

لماذا يعتبر العجز المالي مشكلة كبيرة؟

تتسبب الزيادة المستمرة في العجز المالي في ارتفاع حاد للدين العام، ما يدفع المستثمرين الأجانب إلى إعادة تقييم مخاطر استثماراتهم في السندات الأميركية، وبالتالي يطالبون بعوائد أعلى لتعويضهم عن هذه المخاطر المتزايدة.

وفي المقابل، بما أن البنوك وغيرها من المقرضين غالباً ما تستند أسعار الفائدة إلى عائدات السندات الأميركية، فإن هذا قد يجعل الحصول على قرض عقاري أكثر تكلفة بالنسبة للأميركيين العاديين.

وبالإضافة إلى ذلك، عندما ترتفع فوائد الديون، تتناقص حصة الإنفاق الحكومي المخصصة للاستثمارات الحيوية كالبنية التحتية والخدمات العامة، ما يؤثر سلباً على جودة الحياة للمواطنين، وفقاً لتوقعات مكتب الميزانية بالكونغرس للسنة المالية 2024، التي تنتهي في 30 سبتمبر.

ولخص رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الأمر في مقابلة تلفزيونية حين قال: «نحن نقترض من الأجيال القادمة»، في حين «ينبغي لنا بدلاً من ذلك أن ندفع ثمن هذه الأشياء، وليس أن نسلم الفواتير لأطفالنا وأحفادنا».

لماذا لا يتعامل ترامب وهاريس مع مشكلة العجز المالي؟

قال كينت سميترز، مدير هيئة التدريس في نموذج ميزانية بن وارتون، وهي مبادرة بحثية غير حزبية تتنبأ بتأثيرات السياسات المالية لـCNN «يريد كلا الجانبين تقديم ما لديهما قبل أن يضطرا إلى تقديم التضحيات»، بالنسبة للجمهوريين، يعني هذا ترسيخ المزيد من التخفيضات الضريبية؛ وبالنسبة للديمقراطيين، فإن هذا يعني زيادة الإنفاق الحكومي.

ولكن في نهاية المطاف، تخاطر البلاد بالوصول إلى نقطة لا يمكنها عندها الاستمرار في اقتراض المزيد من المال لتدبر أمورها، وهو ما سيجبر المسؤولين المنتخبين على اتخاذ خيارات صعبة بشأن كيفية خفض الإنفاق وفرض ضرائب أعلى.