في سياق ابتعاد نائبة الرئيس كامالا هاريس عن أجندة الرئيس الحالي الاقتصادية شيئاً فشيئاً، اقترحت هاريس زيادة معدل ضريبة مكاسب رأس المال طويلة الأجل إلى 28 في المئة للأميركيين الأثرياء وتحديداً من يزيد دخلهم على مليون دولار، مخالفة بذلك السياسة التي وضعها الرئيس جو بايدن في ميزانيته لعام 2025.

ففي حين تقترح ميزانية بايدن رفع هذا المعدل إلى الحد الأقصى للضريبة على الدخل العادي بنسبة 39.6 في المئة للأسر ذات الدخل الخاضع للضريبة الذي يزيد على مليون دولار، يقول أشخاص مقربون من هاريس إنها تعتقد أن 39.6 في المئة هي نسبة مرتفعة للغاية، لا سيما في ظل ردود الفعل العنيفة التي أثارها كبار الممولين على هذا الاقتراح.

المعدل الحالي للضريبة يبلغ 20 في المئة، بالإضافة إلى ضريبة إضافية بنسبة 3.8 في المئة تفرض عند تحقيق الأرباح من بيع الأصول المحتفظ بها لأكثر من عام.

لكن لم تتطرق هاريس في حديثها خلال تجمع انتخابي في نيو هامبشاير يوم الأربعاء إلى ما إذا كانت ستفرض ضريبة على الدخل غير المحقق أو ما إذا كانت ستسعى إلى رفع الضريبة الإضافية من 3.8 في المئة إلى 5 في المئة، بما يتماشى مع خطة بايدن.

لا تزال هاريس تدعم فرض ضرائب على أغنى الأفراد والشركات بمعدلات أعلى، على نفس نهج ميزانية بايدن أيضاً، إلّا أنها تعتقد أن معدل مكاسب رأس المال الأقل من شأنه أن يحفز المستثمرين على استثمار المزيد من الأموال في الشركات الناشئة والشركات الصغيرة.

كما اقترحت زيادة معدل ضريبة الشركات إلى 28 في المئة، ارتفاعاً من المعدل الحالي البالغ 21 في المئة الذي حدده قانون تخفيضات الضرائب والوظائف الذي أصدره ترامب في عام 2017.

وقال المستشارون إن هاريس تدعم السماح بإلغاء العديد من التخفيضات الضريبية التي أقرها ترامب لصالح تمويل برامج أكثر استهدافاً للأسر والشركات الصغيرة.

وقالت هاريس في نيو هامبشاير «رؤيتي للاقتصاد القائم على الفرص هي رؤية يمكن للجميع من خلالها التنافس والحصول على فرصة حقيقية للنجاح، إذ يمكن للجميع، بغض النظر عن هويتهم، ومن أين يبدؤون، بناء الثروة، بما في ذلك الثروة المتوارثة بين الأجيال».

وأضافت «أعتقد أن الشركات الصغيرة في أميركا تشكل أساساً رئيسياً لاقتصادنا بأكمله».

منافسة الضرائب بين هاريس وترامب

سعت هاريس إلى مقارنة موقفها بشأن الضرائب بموقف ترامب، وقالت في نيو هامبشاير «إنه يخطط لمنح المليارديرات تخفيضات ضريبية هائلة وخفض ضرائب الشركات بأكثر من تريليون دولار، حتى مع تحقيقهم أرباحاً قياسية».

لكن التغييرات في السياسة المالية الأميركية ستحتاج إلى المرور عبر الكونغرس لتصبح قانوناً، ما يعني أن الجمهوريين قد يمنعون الزيادات الضريبية التي اقترحتها هاريس ما لم يفز الديمقراطيون بالأغلبية في مجلس النواب والشيوخ في نوفمبر تشرين الثاني القادم، بحسب ما أوردت صحيفة فايننشال تايمز.

تأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تحاول فيه هاريس ترسيخ نفسها باعتبارها أكثر اعتدالاً في بعض مجالات السياسة الاقتصادية مع تبني بعض السياسات الأكثر شعبوية، مثل ائتمان بقيمة 25 ألف دولار لمشتري المنازل لأول مرة، وخصم ضريبي للأطفال بقيمة 6 آلاف دولار للمواليد الجدد والتحقيقات الفيدرالية في أسعار البقالة بالتجزئة.

كتب الاستراتيجي الديمقراطي جيمس كارفيل في صحيفة نيويورك تايمز أنه من أجل تصنيف نفسها كمرشحة تتطلع إلى المستقبل، ستحتاج هاريس إلى إيجاد مسافة بين سياسات بايدن وسياساتها الخاصة.

وكجزء من طرح سياستها الاقتصادية في الأيام الأخيرة، اقترحت هاريس خصماً ضريبياً كبيراً بمقدار 10 أضعاف للشركات الصغيرة، من نحو 5 آلاف دولار إلى نحو 50 ألف دولار، وتعهدت بملاحقة التدابير التي من شأنها أن تقلل من البيروقراطية التي من شأنها أن تجعل مثل هذه الشركات أسهل في التشغيل.

كما نادت من أجل حظر فيدرالي على التلاعب بالأسعار وتوسيع دائم للائتمان الضريبي للأطفال إلى ما يصل إلى 3600 دولار، ارتفاعاً من 2000 دولار.

كما تعهدت هاريس بإنهاء ضريبة الدخل الفيدرالية على الإكراميات، ما أثار غضب ترامب لأنه قدم وعداً مماثلاً في حملته الانتخابية؛ إذ ستظل الإكراميات خاضعة لضرائب الرواتب بموجب خطة هاريس.

من يدفع الضرائب في 2024؟

يزعم بعض الساسة والخبراء أن النظام الضريبي في أميركا تقدمي بالفعل بشكل مفرط، ما يعني أنه يفرض عبئاً مفرطاً على الأغنياء، وسخياً بشكل مفرط على الفقراء والطبقة المتوسطة، أو كليهما.. ولكن غالباً ما تركز هذه الادعاءات على الضرائب الفيدرالية وتتجاهل الضرائب على مستوى الولايات والحكومات المحلية.

على سبيل المثال، قبل عامين، أصدر السيناتور ريك سكوت اقتراحاً بزيادة الضرائب على الأشخاص ذوي الدخل المنخفض والمتوسط، ما يشير إلى أن العديد من الأميركيين يفتقرون إلى الانخراط في دفع الضرائب لأنهم لا يدفعون ضريبة الدخل الشخصي الفيدرالية، في رأيه.

لكن يبدو أنه يشير بدلاً من ذلك إلى الأميركيين العاديين الذين ليس لديهم دخل كافٍ لسداد أي ضريبة دخل شخصية فيدرالية، ويشمل ذلك الأشخاص الذين عملوا طوال حياتهم، ودفعوا ضرائب الدخل الفيدرالية وضرائب الرواتب، والذين أصبحوا الآن متقاعدين يحصلون على الضمان الاجتماعي، ومعظمهم معفيون من ضرائب الدخل الفيدرالية.

على النقيض، يرى معهد الضرائب والسياسة الاقتصادية (ITEP) في تقريره الصادر في أبريل نيسان الماضي، أن الحقيقة هي أن النظام الضريبي في أميركا تقدمي بشكل عام، ولكن ليس بنفس التقدم الذي يدعيه المشرعون مثل السيناتور سكوت.. أولئك الذين يقعون في أعلى 1 في المئة دخلاً من السكان سيدفعون ما يزيد قليلاً على ثلث دخلهم في الضرائب هذا العام في المتوسط، وأولئك الذين يقعون في المنتصف سيدفعون نحو 26 في المئة، بينما أولئك الذين يقعون بين أفقر خُمس الأميركيين سيدفعون نحو 17 في المئة من دخلهم في الضرائب في المتوسط.