اعتبر المراقبون أن انخفاض صافي الأصول الأجنبية وقرارات البنك المركزي المصري الجديدة بخصوص تدبير العملة لاستيراد بعض السلع بمثابة ضوء أحمر يُنذر بخطورة عودة أزمة شُح الدولار إلى مصر.

تحدثت CNN الاقتصادية مع خبراء ومستوردين لكشف أبعاد المعطيات التي يلقي الماضي القريب بظلاله عليها، واحتمال عودة أزمة شح الدولار الأميركي التي عانت منها مصر في عامي 2022 و2023 حيث فرضت السوق الموازية قواعدها فضلاً عن النقص الشديد في البضائع والمنتجات.

يشترط قرار البنك المركزي المصري منع تدبير الدولار لاستيراد 13 سلعة «غير أساسية» إلّا قبل موافقة مسبقة منه.

تتضمن القائمة السيارات كاملة الصنع والموبايلات وكمالياتها ونباتات وبذور غذائية والفواكه الطازجة والكاكاو والمجوهرات واللؤلؤ وأجهزة والأجهزة الكهربائية والملابس الجاهزة ولعب الأطفال والمفروشات والأثاث والمعدات الثقيلة مثل اللودرات، والبلدوزرات، والرافعات.

قال إبراهيم النمر رئيس قسم التحليل الفني في شركة نعيم للوساطة في الأوراق المالية في اتصال مع CNN الاقتصادية «أرجو أن يكون الإجراء الأخير مؤقتاً وألَا يتم توسيع القائمة لتشمل منتجات أخرى، وإن تعود الأمور سريعاً إلى نصابها كي لا نعيش المشهد الذي مر به الاقتصاد المصري مرة والذي لا يزال عالقاً بالأذهان، وإن يتم حماية السيولة الدولارية بأشكال لا تتضمن الحظر مثل فرض رسوم حمائية على سلع بعينها لمراعاة قواعد السوق الحر».

هاني أبو الفتوح، الرئيس التنفيذي لشركة «الراية» للاستشارات المالية، قال في اتصال مع «CNN الاقتصادية»، إن القرار «يهدف إلى ترشيد استخدام العملة الأجنبية كي تُستخدم في السلع الاستراتيجية دون سواها ولا ينذر بعودة شبح أزمة الدولار أو السوق الموازية، ولكنه إجراء احترازي بهدف حماية السيولة المتوفرة في الأسواق».

وكان البنك المركزي قد سبق ووقف استيراد السلع نفسها في وقت أزمة ما قبل صفقة رأس الحكمة.

مجدي عشم أحد المستوردين العاملين في مصر يتفق جزئياً مع تعطيل استيراد بعض السلع، وأوضح في اتصال مع CNN الاقتصادية، أن القرار «سيدفع المستوردين إلى استخدام الحصيلة الدولارية للمصدرين مقابل فائدة تصل إلى 5 في المئة، ما سيقود إلى ارتفاع أسعار هذه السلع وعلى رأسها السيارات التي قد ترتفع أسعارها نحو 20 في المئة، ولكن الحد من استيراد لعب الأطفال والإطارات المستعملة ومنتجات الأثاث والفواكه الاستوائية سيسهم في تقليل خروج الدولار من مصر».

هبط صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية ليصل إلى سالب 536 في نهاية أغسطس آب الماضي، بعد أن عرفت مصر فائضاً للمرة الأولى منذ نحو عامين في صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك في مايو أيار الماضي، جاء الارتفاع بعد قرار تعويم الجنيه المصري في أعقاب توقيع صفقة رأس الحكمة، وظل فائض الاحتياطي في التصاعد حتى وصل إلى 2.8 مليار دولار أميركي في نهاية يوليو تموز من العام الحالي، أي قبل شهر من معاودة النزول الجديد.

يفسّر المراقبون العجز في صافي الأصول الأجنبية إلى خروج أموال الأجانب من السوق أدوات الدين المصرية وهو يشبه ما حدث في أعقاب خروج نحو 20 مليار دولار من الأموال الساخنة من مصر وقت اندلاع الحرب في أوكرانيا، ولكنهم يتوقعون معاودة دخول جديد للأموال الساخنة في غضون الأسابيع المقبلة.