تستعد إسرائيل للرد بعد الهجوم الإيراني بعشرات الصواريخ الباليستية هذا الشهر، لكن يخشى العديد من الإيرانيين أن اقتصاد البلاد المتضرر من العقوبات لا يمكنه تحمل دورة أخرى من التصعيد مع إسرائيل.
وأبلغ مسؤولون إسرائيليون كبار الولايات المتحدة بأنهم يخططون لاستهداف مواقع عسكرية، انتقاماً من الهجوم الإيراني الذي قالت طهران إنه كان رداً على مقتل حسن نصر الله، زعيم جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران.
ولكن في حين يصر الموالون للنظام على أن الجمهورية الإسلامية ليست خائفة من الحرب وتتبنى المواجهة العسكرية مع إسرائيل، يشعر العديد من الإيرانيين الآن بقلق عميق بشأن احتمال نشوب حرب محتملة بين إيران وإسرائيل.
الأسواق المالية في المنطقة الحمراء
شهدت الأسواق المالية في إيران انخفاضات قوية خلال تعاملات يوم الاثنين، إذ انخفضت العملة والأسهم الإيرانية، وأوقفت معظم شركات الطيران الأجنبية رحلاتها تحسباً لهجوم انتقامي إسرائيلي على الجمهورية الإسلامية.
وانخفض الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي بنسبة 5 في المئة تقريباً إلى 640 ألفاً في السوق المفتوحة يوم الاثنين، من 610 آلاف في 30 سبتمبر، أي قبل يوم من شن إيران هجوماً صاروخياً على إسرائيل.
كما تراجع مؤشر «تيدبيكس»، المؤشر الرئيسي في بورصة طهران، إلى 2.007 مليون نقطة، من 2.131 مليون نقطة، بانخفاض قدره 6 في المئة تقريباً خلال الفترة ذاتها.
وقد واصل كلاهما تراجعهما المطّرد هذا الأسبوع، إذ يخشى الكثيرون أن يؤدي التهديد بالحرب إلى تعميق عزلة إيران والأزمة الاقتصادية.
ويقول سعيد ليلاز، محلل الاقتصاد السياسي، إن الحكومة تدير العرض والطلب في سوق العملة للحد من التقلبات الكبيرة، في ظل المشكلات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها.
توقف الطيران يزيد الضغوط
أدى توقع هجوم إسرائيلي إلى حدوث فوضى في السفر، إذ ألغت شركات الطيران رحلاتها، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف التذاكر وإطالة أوقات السفر الناتجة عن الرحلات التي تم تغيير مسارها.
وتعتبر «فلاي دبي» حالياً هي شركة الطيران الأجنبية الوحيدة التي لا تزال تعمل في إيران بعد أن علقت شركات طيران مثل طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية والخطوط الجوية التركية رحلاتها هذا الشهر.
وفي الأسبوع الماضي، ألغت شركة الطيران الإيرانية الرائدة «إيران إير» رحلاتها إلى وجهات أوروبية بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على شركة الطيران بسبب ما قالت إنه نقل صواريخ باليستية إلى روسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا، وهو ما تنفيه إيران.
وقالت امرأة في مطار الإمام الخميني الدولي بطهران، «استغرق الأمر ثلاثة أيام للوصول إلى طهران من فرانكفورت بعد أن ألغيت رحلتي على متن الخطوط الجوية الإيرانية فجأة»، ووصف ركاب آخرون معاناتهم أثناء السفر إلى طهران.
هل يدفع الاقتصاد إيران للتراجع؟
مع تصعيد الصراع بين إسرائيل ولبنان ليطول مناطق أخرى بالشرق الأوسط غير قطاع غزة هذا الشهر، أطلق وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي موجة مكثفة من النشاط الدبلوماسي، إذ قام بجولة في تسع دول إقليمية واجتمع مع قادة حماس في تركيا، وحذر إسرائيل من أي هجمات على المنشآت النووية الإيرانية ومنشآت الطاقة.
ولكن الإحباط إزاء السياسات الداخلية والخارجية في إيران، جعل البعض في البلاد غير مبالين بتهديد الصراع، بحجة أن الدمار المحتمل الذي قد يخلفه الهجوم الإسرائيلي يتضاءل مقارنة بالصعوبات الحالية التي يواجهونها.
ومع ذلك، يعتقد المحللون أن إيران رغم هذه الصعوبات الاقتصادية قد تمضي في حربها ضد إسرائيل.
وقال سعيد ليلاز، محلل الاقتصاد السياسي، «هناك بالتأكيد أجواء نفسية تؤثر على البلاد، لكن هذه الاضطرابات الجديدة لن تردع الجمهورية الإسلامية عن متابعة سياساتها الإقليمية أو الرد على أي هجوم إسرائيلي، لقد اعتاد الاقتصاد الإيراني التعامل مع الأزمات السياسية».
(فاينانشال تايمز).