تمثل التوترات الأخيرة بين إيران وإسرائيل تحدياً جديداً أمام قطاعي السياحة والتجارة في منطقة الشرق الأوسط، في وقت كانت هذه القطاعات تشهد اضطرابات بالفعل منذ بدء حرب غزة في أكتوبر تشرين الأول الماضي.
وتسببت الأحداث الأخيرة بين إيران وإسرائيل في إلغاء رحلات سياحية مشتركة بين الأردن ومصر والقدس، حسب ما يقول هاني بيتر، الخبير السياحي وعضو غرفة الشركات السياحة المصرية لـ«CNN الاقتصادية».
فيما تشير توقعات محللين إلى أن تأثير التوترات الأخيرة سيكون محدوداً على السياحة في الشرق الأوسط نظراً لانتهائها سريعاً، إلا أنه قد يتطور ليصبح ضاراً جداً في حال استمر أمد الصراع.
وأقدمت إيران على إطلاق عشرات الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية على إسرائيل أمس السبت، فيما قالت إسرائيل إنها استطاعت اعتراض معظم هذه الطائرات والصواريخ وإن الضرر الذي وقع كان محدوداً.
وينذر دخول جبهة جديدة في الصراع بالمزيد من المخاطر التي تتعلق بقطاعي السياحة والتجارة في المنطقة.
السياحة في منطقة الشرق الأوسط
وقال بيتر، الذي يعمل في مجال السياحة بمنطقة جنوب سيناء المصرية، إن الساعات الماضية شهدت إلغاءات كبيرة لحجوزات رحلات سياحية تعرف برحلة الأراضي المقدسة وهي رحلة تُنظم من خلال زيارة أماكن مقدسة في مصر والأردن والقدس.
وأضاف أن شركته استقبلت إلغاءات عديدة من دول البرتغال والفلبين وبعض دول أميركا اللاتينية، منذ إصدار تحذيرات بعدم السفر للشرق الأوسط بعد حادث السفارة الإيرانية في دمشق وتصاعد التوترات.
ويتوقع بيتر أن تشهد الأسابيع المقبلة موجة من الإلغاءات خصوصاً مع تعطيل حركة الملاحة في بعض دول المنطقة لفترة ثم عودتها مرة ثانية، ما سيؤثر على مخاوف السياح القادمين للمنطقة.
وتتوقع رامونا مبارك، رئيسة إدارة المخاطر بمنطقة الشرق الأوسط في «فيتش سوليوشنز» تأثيراً محدوداً على قطاع السياحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على افتراض أن هذه الجولة من التوترات انتهت وأن إسرائيل لن تهاجم إيران مرة أخرى وأعادت لبنان والأردن والعراق فتح مطاراتها.
وأضافت أنه منذ حرب غزة أظهرت بعض الإحصاءات الخاصة بوصول السياح لدول في المنطقة بعض التأثر.
ومع اندلاع حرب غزة عانت البلدان المجاورة، مثل مصر والأردن ولبنان، بالفعل من أصداء اقتصادية، بعد أن ألغى السياح سفرهم إلى المنطقة.
وبحسب صندوق النقد الدولي فإن السياحة التي شكلت ما بين 35 في المئة و50 في المئة من صادرات السلع والخدمات في هذه الاقتصادات في عام 2019، تعد مصدراً بالغ الأهمية للنقد الأجنبي وفرص العمل.
ووفقاً لآخر بيانات لمنظمة السياحة العالمية، استقبلت منطقة الشرق الأوسط في 2022 أكثر من 60 مليون سائح، وهي نسبة تُقدر بـ83 في المئة من مستويات ما قبل جائحة كورونا، وكان من المتوقع أن تعود مستويات السياحة القادمة للمنطقة إلى ما قبل كورونا العام الماضي.
التجارة في منطقة الشرق الأوسط
تضررت التجارة في الشرق الأوسط بشدة منذ اندلاع حرب غزة إذ تسببت في انخفاض عدد السفن المارة من وإلى قناة السويس ما أدى إلى اضطرابات في التجارة العالمية.
وخلال الربع الأول من العام الجاري، انخفضت عمليات الشحن في البحر الأحمر بنسبة 55 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2023، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي.
وقال صندوق النقد إن نحو 2900 سفينة قد حوّلت مسارها منذ منتصف ديسمبر كانون الأول بعيداً عن قناة السويس، بسبب التوترات في البحر الأحمر.
وبحسب الصندوق، فإن هجمات الحوثيين على السفن في منطقة البحر الأحمر أدَّت إلى انخفاض حركة المرور عبر قناة السويس -أقصر طريق بحري بين آسيا وأوروبا- التي يمر عبرها نحو 15 في المئة من حجم التجارة البحرية العالمية.
وقالت رامونا إن التوترات التي حدثت كشفت أن أي هجوم أو اشتعال صراع أطول بين إسرائيل وإيران يمكن أن يكون ضاراً جداً بقطاع السياحة وعرقلة النشاط الاقتصادي في المنطقة ككل.