حذَّرت كريستالينا غورغيفا مديرة صندوق النقد الدولي، اليوم الخميس، من أن نمو الاقتصاد الصيني السنوي قد يتراجع لما «يقل كثيراً عن» أربعة بالمئة إذا لم تنفذ بكين إصلاحات لتزيد من الاستهلاك المحلي.

وأضافت غورغيفا في إفادة صحفية خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي السنوية في واشنطن أن العقبة الكبرى أمام تحسين ثقة المستهلكين في الصين هي قطاع العقارات المتعثر، وأنه يجب اتخاذ خطوات لمعالجة ذلك.

ويواجه الاقتصاد الصيني، الذي يُعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مجموعة من التحديات والمخاطر التي تهدد استقراره ونموه المستدام. ورغم التطور الكبير الذي شهدته الصين خلال العقود الأخيرة، إلا أن هناك عدداً من العوامل التي تثير قلق المراقبين والمستثمرين بشأن مستقبل هذا الاقتصاد.

1. تباطؤ النمو الاقتصادي:

شهد الاقتصاد الصيني تباطؤاً ملحوظاً في معدلات النمو خلال السنوات الأخيرة. ورغم التوقعات التي كانت تشير إلى نمو سريع ومستدام، إلا أن التباطؤ العالمي وانخفاض الطلب على الصادرات الصينية أثرا سلباً على النمو. في العام 2023، كان معدل النمو الاقتصادي في الصين أقل من المتوقع، مما يثير المخاوف من استمرار هذا الاتجاه في المستقبل.

2. أزمة العقارات:

يعتبر قطاع العقارات في الصين واحداً من أكبر المحركات الاقتصادية. إلا أن هذا القطاع يواجه حالياً أزمة كبيرة، حيث تعاني العديد من الشركات العقارية الكبرى مثل “إيفرغراند” من مشكلات مالية خطيرة تتعلق بديونها الكبيرة. هذه الأزمة تؤثر بشكل مباشر على البنوك والأسواق المالية وتزيد من الضغوط على الحكومة الصينية لتقديم حلول جذرية.

3. ارتفاع معدلات الدين:

تزايدت معدلات الدين العام والخاص في الصين إلى مستويات قياسية. يشكل هذا الدين تهديداً لاستقرار النظام المالي، حيث تجد الشركات والأفراد والحكومة نفسها مضطرة لمواجهة تحديات كبيرة في سداد الديون. أي تعثر في سداد هذه الديون قد يؤدي إلى موجة من الإفلاسات والاضطرابات المالية.

4. السياسات الحكومية والتحول الاقتصادي:

تحاول الحكومة الصينية إعادة توجيه اقتصادها من الاعتماد على الصناعات الثقيلة والتصدير إلى اقتصاد قائم على الابتكار والتكنولوجيا والاستهلاك المحلي. ومع ذلك، هذا التحول قد يتطلب سنوات من التكيف والتأقلم، ويصاحبه مخاطر عدم تحقيق الأهداف المرجوة بشكل سريع. كما أن التدخلات الحكومية المكثفة في قطاعات التكنولوجيا والتعليم قد خلقت حالة من عدم اليقين بين المستثمرين.

5. التوترات التجارية والجيوسياسية:

التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية تشكل تهديداً كبيراً للاقتصاد الصيني. فرضت الولايات المتحدة ودول أخرى عقوبات تجارية وقيوداً على التكنولوجيا المتقدمة، مما أثر على الشركات الصينية الكبرى مثل “هواوي”. هذه التوترات قد تؤدي إلى تقييد وصول الصين إلى الأسواق العالمية وتعطيل سلاسل التوريد العالمية.

6. التحديات الديموغرافية:

تواجه الصين تحدياً ديموغرافياً كبيراً يتمثل في شيخوخة السكان. مع تقلص القوى العاملة وارتفاع نسبة كبار السن، سيكون من الصعب على الاقتصاد المحافظة على معدلات النمو المرتفعة التي حققها في العقود الماضية. يتطلب هذا التحدي تبني سياسات جديدة لتعزيز الإنتاجية وتحفيز العمالة.

ورغم أن الصين ما زالت تعتبر قوة اقتصادية عالمية كبرى، إلا أن التحديات الحالية والمخاطر المستقبلية قد تؤثر بشكل كبير على استقرارها الاقتصادي. سيعتمد نجاح الصين في تجاوز هذه المخاطر على قدرتها على التكيف مع التغيرات الداخلية والخارجية، وتبني سياسات اقتصادية تعزز النمو المستدام وتحافظ على الاستقرار المالي والاجتماعي.