ستلقي نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على الاقتصاد الأميركي خلال 4 سنوات المقبلة، ففي حين سيعني فوز كاميلا هاريس استمرار سياسات الحزب الديمقراطي، سيعني فوز دونالد ترامب التحول لسياسات الحزب الجمهوري، لما لهما من اختلاف واضح وتحديداً في أمور تتعلق بالتجارة والطاقة والضرائب.

وتعد الانتخابات الأميركية حدثاً مهماً وله آثار واضحة على الاقتصاد الأميركي والعالمي، ويظهر الفارق بين ترامب وهاريس جلياً إذ ما نظرنا إلى نتائج الاقتصاد الكلي المتوقعة لكلا المتنافسين.

وتتوقع إيكونوميست إنتليجنس أن يظل الاقتصاد الأميركي قوياً بشكل أساسي، مهما كان الفائز في الانتخابات، لكنها ترى أن فوز ترامب يعني نمواً اقتصادياً أضعف قليلاً وتضخماً أعلى وعجزاً مالياً أوسع مما كان عليه، وهذا سيشير إلى مسار أقل سلاسة لخفض أسعار الفائدة الأميركية في عهد ترامب مقارنة بعهد منافسته.

ويتعلق الاختلاف بشكلٍ رئيسي بين المنافسين في النهج المتبع في التعامل مع التجارة والهجرة والضرائب.

وتقول كابيتال إيكونوميكس إن ترامب وهاريس يقدّمان رؤى متناقضة بشكلٍ صارخ فيما يتعلق بالضرائب والإنفاق.

الضرائب والإيرادات

لطالما كان ترامب مناصراً لخفض الضرائب على الفئات الأكبر دخلاً والشركات الكبرى، ويعني عودة ترامب لرئاسة أميركا استمرار التخفيضات الضريبية على الدخول الكبيرة، وتعهد ترامب بتمويل التخفيضات الضريبية من عائدات التعريفات الجمركية على الواردات التي من المتوقع فرضها.

وتخطط هاريس لزيادة الإيرادات من خلال زيادة الضرائب على الشركات والإلغاء التدريجي لتخفيضات ضريبة الدخل الشخصي، من أجل تمويل زيادة الإنفاق الاجتماعي.

التجارة

قد يدفع التنافس الحميم مع الصين كلا المرشحين إلى استمرار فرض رسوم حماية على الواردات الأميركية، لكن مع اختلاف الطريقة.

وستحتفظ هاريس بميل حمائي في السياسة التجارية الأميركية مع التركيز بشكلٍ أساسي على الصين، في حين ستسعى إدارة ترامب إلى تطبيق الرسوم الجمركية على نطاقٍ واسع.

وتتوقع كابيتال إيكونوميكس أن تؤدي معارضة الشركات الأميركية والشركاء التجاريين إلى تخفيف المقترحات بشأن الرسوم الجمركية.

وتشير إلى أن هذه التعريفات ستزيد الأسعار بالنسبة للمستهلكين الأميركيين وتؤثر أيضاً في الصادرات الأميركية، إذ ستستجيب الاقتصادات الأخرى باتخاذ تدابير مضادة على البضائع الأميركية.

الطاقة ودعم المناخ

تُكلف التغيّرات المناخية الحادة اقتصاد أميركا نحو 150 مليار دولار كل عام، وفقاً لبيانات التقييم الوطني الخامس الذي صدر في أميركا نهاية العام الماضي.

وتوقع التقييم أنه مع كل زيادة في ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي أن تتسارع الأضرار الباهظة الثمن، وأن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين فهرنهايت إلى أكثر من ضعف الضرر الاقتصادي الناجم عن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجة واحدة فهرنهايت.

ويعني فوز هاريس مواصلة سياسات تحول الطاقة، ما يعني إعطاء الأولوية لمكافحة تغيّر المناخ ودعم اعتماد الطاقات المتجددة، لتحقيق الهدف الحالي المتمثل في وجود قطاع طاقة خالٍ من الانبعاثات بحلول عام 2035، وفقاً لكابيتال إيكونوميكس.

وقد يعني فوز ترامب إعادة الخروج من اتفاقية باريس بشأن تغيّر المناخ، والذي انسحب منها عندما كان رئيساً لأميركا في 2020 ثم عادت أميركا للاتفاقية مرة أخرى في عهد جون بايدن.

ويتوقع المحللون أن يقدّم ترامب على خفض الدعم المقدم للطاقة المتجددة مع إزالة العوائق الحالية أمام إنتاج النفط والغاز.

الخدمات المالية والدولار

وفقاً لكابيتال إيكونوميكس، تستهدف إدارة هاريس إلى المواءمة مع المعايير العالمية والبقاء يقظة بشأن أنشطة المضاربة أو المناهضة للمنافسة، بينما سيتبع ترامب قواعد أكثر ليونة للبنوك والشركات المالية الأخرى، بما في ذلك العملات المشفرة.

ترى إيكونوميست إنتليجنس تناقضاً متأصلاً بين البرنامج السياسي الذي ينتهجه ترامب، ووجهات نظره بشأن السياسة التجارية، ورغبته المعلنة في إضعاف الدولار.

وتقول إن الاستجابة الأولية لفوز ترامب تعني قوة أكبر للدولار، لكن ما إذا كان هذا سيستمر هو أمر أقل وضوحاً.

وتتوقع كابيتال إيكونوميكس مساراً أقل سلاسة لخفض أسعار الفائدة الأميركية، إذ ستدعم سياسات ترامب زيادة مخاطر ارتفاع التضخم، ما سيعني قوة أكبر للدولار الأميركي الذي ستبقى الفائدة أكبر عليه.