تمنح عودة دونالد ترامب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض إشارة إلى احتمالية بقاء سعر الفائدة مرتفعة لمدة أطول عما كان مخططاً لها، مع احتمالية عودة ارتفاع طفيف في معدل التضخم، بحسب محللون تحدثوا لـCNN الاقتصادية.

وتُظهر نتائج فرز الانتخابات الأميركية 2024، تقدماً ملحوظاً لمرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، على مرشحة الحزب الديمقراطي، كاملا هاريس.

وتأتي نتائج الانتخابات الأميركية قبل يوم واحد من اجتماع الفيدرالي الأميركي بشأن أسعار الفائدة، والذي يتوقع أن يستمر في نهجة بخفض الفائدة وإن كان بوتيرة أقل عن الاجتماع السابق.

وتشير توقعات المحللين إلى أن الفيدرالي سيخفّض الفائدة بواقع 0.25 في المئة لتصبح الفائدة في حدود 4.50 إلى 4.75 في المئة، خلال اجتماعه غداً.

وفي آخر اجتماع للفيدرالي، خفّض الفيدرالي الفائدة بواقع 0.5 في المئة وهي أول مرة منذ 2020.

وتشير توقعات أداة فيد وواتش المعنية بتتبع توقعات أسعار الفائدة إلى أن الفائدة الأميركية قد تصبح في نطاق 4.25 إلى 4.5 في المئة في اجتماع يناير كانون الثاني المقبل 2025.

أسعار الفائدة في عهد ترامب

خلال جولاته الانتخابية أظهر دونالد ترامب بشكلٍ واضح رؤيته لأسعار الفائدة الأميركية عندما قال إن خفض أسعار الفائدة بواقع 0.5 في المئة كان ضربة كبرى للأسواق ولم يكن هناك مبرراً لها.

ويقول هاني أبو عاقلة، كبير محللي الأسواق في شركة إكس تي بي، لـCNN الاقتصادية، إن هذا يعني أن خفض الفائدة الأميركية سيكون أبطأ من المتوقع، وإذ كنا نتوقع أن يصل الفيدرالي إلى هدفه في منتصف 2026، سيعني ذلك الوصول إلى الهدف بنهاية 2026.

ويضيف: «لو كنا نتوقع أن كل اجتماع قادم للفيدرالي سيكون هناك خفض في أسعار الفائدة وحتى منتصف 2025 فهذا لن يحدث لأن ترامب يرى أنه ليس هناك مبرر للخفض السريع للفائدة».

وتشير توقعات أحمد عزام، المحلل المالي الأول في مجموعة إكويتي، إلى أن الفيدرالي الأميركي قد يبقي على النهج نفسه بتخفيض أسعار الفائدة في الفترة الأولى من حكم دونالد ترامب، إلا أنه سيتلقى العديد من الانتقادات من الرئيس الأميركي.

ويضيف أنه مع احتمال عودة ارتفاع التضخم، فقد يؤدي هذا إلى توخي الاحتياطي الفيدرالي الحذر بشأن خفض أسعار الفائدة بشكل منتظم ومتسارع.

ترامب والتضخم

خلال الشهور الماضية كافحت أميركا تضخماً مرتفعاً، ومن أجل هذا اضطرت إلى رفع الفائدة لمستويات لم تشهدها من قبل، لكن مع تباطؤ التضخم بدأ الفيدرالي الأميركي بتخفيف حدة أسعار الفائدة بداية من سبتمبر أيلول الماضي.

وفي آخر قراءة لمعدل التضخم في أميركا خلال سبتمبر سجل 2.1 في المئة، في حين يبلغ هدف الفيدرالي 2 في المئة بحلول أوائل عام 2025.

لكن مجيء دونالد ترامب قد يغيّر الأمور بعض الشيء، ويقول هاني أبو عاقلة إن ترامب سيستمر في تطبيق قانون مكافحة التضخم وهذا نوعاً ما يؤدي إلى أن يكون التضخم مستقراً في الحدود الدنيا.

ويضيف أن وجود ترامب سيكون إيجابياً جداً لصناعة النفط والغاز وسيدعم زيادة الإنتاج، ما سيعني مزيداً من انخفاض التضخم إذ كانت أسعار النفط عاملاً مؤثراً في قفزة التضخم التي شهدتها أميركا خلال الفترة الماضية.

لكن سياسات ترامب الأخرى وتحديداً رؤيته لخفض الضرائب قد تسمح بارتداد بسيط في معدل التضخم للارتفاع، إذ سترفع إنفاق المستهلكين، وفقاً لما قاله أبو عاقلة.

ولطالما كان ترامب مناصراً لخفض الضرائب على الفئات الأكبر دخلاً والشركات الكبرى، ويعني عودة ترامب لرئاسة أميركا استمرار التخفيضات الضريبية على الدخول الكبيرة، وتعهد ترامب بتمويل التخفيضات الضريبية من عائدات التعريفات الجمركية على الواردات التي من المتوقع فرضها.

ووفقاً لأبو عاقلة فإن رفع الرسوم على البضائع القادمة من الخارج وتحديداً من الصين قد تتسبب في زيادة التضخم مرة أخرى.

وبحسب عزام، فإن فرض رسوم جمركية على شركاء تجاريين قد تدفعهم إلى رد هذه الرسوم على البضائع الأميركية، ما قد يؤدي إلى إشعال حرب تجارية جديدة وخلق حلقة من التوترات المتصاعدة التي قد تضر بالاقتصادات على الجانبين.

ويضيف أن فرض رسوم جمركية وتخفيض الضرائب قد يؤدي إلى ضغوط على العجز المالي، ما قد تدفع التضخم للتسارع بشكل أسرع من المتوقع، أو على الأقل قد يصبح الاقتصاد الأميركي أكثر عرضة لتقلبات التضخم.

وخلال حملته الانتخابية وعد ترامب بإنهاء التضخم، وإعادة القدرة الشرائية إلى الأميركيين، كما وعد أيضاً بتحقيق نسب فائدة منخفضة.