في مواجهة عودة دونالد ترامب، من المقرر أن يلتزم زعماء الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة بإصلاح عميق للاقتصاد الأوروبي ومعالجة التحديات التي من أبرزها تقرير حديث.

تم تكليف رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي العام الماضي بإعداد التقرير الذي سيوجه اتجاه السنوات الخمس المقبلة للذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي.

ويتعين على أوروبا أن تستثمر ما يصل إلى 800 مليار يورو (863 مليار دولار) إضافية سنوياً لتجنب التخلف عن الولايات المتحدة.

لكن مع غرق ألمانيا في الاضطرابات السياسية، والمصالح الوطنية المتباينة والخلافات المريرة حول كيفية مواجهة التحديات بشكل مباشر، ليس هناك ما يضمن قدرة الاتحاد الأوروبي على الارتقاء إلى مستوى الهدف.

إذا لم يأخذ الاتحاد الأوروبي بعين الاعتبار توصيات تقريره الذي نشر في سبتمبر، فقد حذر دراجي من أن الكتلة المكونة من 27 دولة ستواجه «معاناة بطيئة» من التراجع.

ويقول الخبراء إن تقريره أصبح أكثر إلحاحاً، مع عودة ترامب المدوية في الانتخابات الأميركية يوم الثلاثاء.

خلال حملته الانتخابية، أعلن ترامب مراراً وتكراراً عن حبه للتعريفات الجمركية وهدد بمعاقبة أوروبا لاستغلالها الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية أعلى.

وقال إيان ليسر نائب رئيس صندوق مارشال الألماني للأبحاث التابع للولايات المتحدة «تقرير دراجي نفسه، بطريقة ما، أصبح أكثر إثارة للاهتمام وإلحاحاً في ما يتعلق بهذه النتيجة».

إن كتاب دراجي المؤلف من أربعمئة صفحة يشتمل على الكثير من الأمور التي يتعين على الزعماء أن يستوعبوها قبل الغداء.

وإلى جانب دعوته لمزيد من الاستثمار لتحسين الناتج الاقتصادي، دعا دراجي بشكل مثير للجدل إلى الاقتراض المشترك -وهي فكرة نسفتها ألمانيا- فضلاً عن إصلاح نهج الاتحاد الأوروبي في سياسة المنافسة لتشجيع الإنفاق الكبير.

وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي إن محادثات الزعماء «ستركز على التمويل والتمويل والتمويل»، لكن سبل جمع الأموال «كلها أسئلة مفتوحة» في الأشهر المقبلة.

إجراء حاسم مطلوب

وفي مسودة إعلان اطلعت عليها وكالة فرانس برس، أكد الزعماء «الحاجة الملحة لاتخاذ إجراء حاسم» يدعمون فيه مقترحات دراجي لتعميق السوق الموحدة وبناء اتحاد أسواق رأس المال الذي من شأنه تعبئة رأس المال الخاص بشكل أفضل، بالإضافة إلى سياسة تجارية تدافع عن مصالح أوروبا.

كما اتفقوا على «حشد التمويل العام والخاص»، مضيفين أنهم سيستكشفون «جميع الأدوات… لتتناسب مع أهدافنا»، وهو إدراج مثير للجدل من المرجح أن يثير مناقشات طويلة.

وترفض ألمانيا ودول شمال أوروبا المقتصدة الأخرى بشدة تحمل الديون المشتركة لتمويل الاستثمارات، على الرغم من نجاح خطة التعافي من فيروس كورونا التي تبلغ قيمتها 800 مليار يورو لعموم الاتحاد الأوروبي واقتراح دراجي المدعوم من فرنسا.

وقال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي إن تقرير دراجي «يمكن أن يكون أساساً متيناً لمزيد من العمل في الاتحاد».

ومن الممكن أن يكون هناك المزيد من التمويل العام عبر ميزانية الاتحاد الأوروبي الخاصة أو اللجوء إلى مقرض الكتلة، وهو بنك الاستثمار الأوروبي.

وتأتي المناقشات في وقت صعب، حيث تسعى العديد من دول الاتحاد الأوروبي للسيطرة على ديونها وعجزها الذي تضخم خلال جائحة فيروس كورونا.

لكن محادثات يوم الجمعة لن تؤدي إلا إلى إطلاق المحادثة، ومن المتوقع أن تأتي مقترحات ملموسة بعد أشهر، ومن المتوقع أن يستغرق تنفيذ الإصلاحات وقتاً أطول.

تتفق جميع دول الاتحاد الأوروبي على السم الذي يؤذي أوروبا، لكن الترياق، على الرغم من وضعه بوضوح من قبل دراجي وآخرين، كان دائماً أصعب على الدول قبوله.

والرسالة القوية من دراجي هي تعميق تعاون الكتلة بشكل عام، من خلال تشكيل اتحاد أسواق رأس المال وإنشاء أسواق موحدة للاتصالات والدفاع والطاقة، لكن هل سيتحرك القادة أم لا هو سؤال آخر.

وقالت سيلفي ماتيلي مديرة معهد جاك ديلور البحثي «أخشى أن تُصدر الولايات كلمات جميلة، لكن لن يكون هناك الكثير وراءها».

«يمكن للزعماء أن يتفقوا جميعاً على أننا بحاجة إلى الاستثمار على نطاق واسع، ولكن كيف يمكننا أن نفعل ذلك مع الألمان غير العازمين على إجراء تحول نموذجي في ما يتعلق بالديون؟».

(أ ف ب)