تأخر صعود الهند كاقتصاد رئيسي لفترة طويلة بسبب تباطؤها في تطوير قطاع تصنيع قوي، إذ ظلت حصة التصنيع في الناتج المحلي الإجمالي منخفضة بشكل عنيد، حتى إنها انحدرت على مدى العقد الماضي، ولكن هل يمكن عكس هذا الاتجاه في ضوء الفرصة التي خلقها تدافع رأس المال بعيداً عن الصين؟
هناك بصيص من الأمل، وتشهد إحدى الولايات في جنوب الهند «تاميل نادو» طفرة صناعية، إذ تجتذب شركات مثل سيسكو، وكورنينج، وفوكسكون، وفورد، وغوغل، وتاتا إلكترونيكس، وتاتا جاكوار لاند روفر، وموردي نايكي.
وتحتل ولاية تاميل نادو المرتبة الأولى في عدد المصانع على مستوى الهند، كما احتلت المرتبة الثانية في توفير فرص العمل والمرتبة الثالثة في تدفقات رأس المال الثابت وحصة الإنتاج من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، كما تشمل الاستثمارات الصناعية في الولاية نطاقاً أوسع كثيراً من أي مكان آخر في الهند، بما في ذلك الأنشطة كثيفة العمالة.
وهذا أمر محير، لأن ولاية تاميل نادو هي من بين أغنى الولايات في البلاد، فكيف يمكنها إذن أن تجتذب الصناعات التحويلية التي تتطلب عمالة كثيفة في حين لا تتمكن الولايات الأكثر فقراً من ذلك؟
عوامل نجاح ولاية تاميل نادو
تمتلك الولاية ميزة تنافسية لأن المصانع كانت على استعداد للاستفادة من مجموعات من العمال ذوي الأجور المنخفضة، مثل المهاجرين من الولايات الهندية الأخرى والنساء، على سبيل المثال، فإن 40 في المئة من جميع النساء العاملات في المصانع في أنحاء الهند تعيش في ولاية تاميل نادو.
عادة يبلغ متوسط معدل التوظيف داخل الولاية في شركات الصناعات كثيفة العمالة 21 عاملاً فقط، ما يجعلها أصغر من أن تتمكن من المنافسة على المستوى العالمي، لكن العديد من المشاريع الجديدة والاستثمارات الأخيرة توفر فرص عمل لعشرات الآلاف، ما يجعلها واجهة جاذبة للعمال من جميع أنحاء الهند.
وخلقت تاميل نادو -على عكس الهند بشكل عام- أيضاً تصوراً بأنها مكان سهل نسبياً لممارسة الأعمال التجارية، إذ تتمتع الولاية منذ فترة طويلة بنظام تعليمي متطور، وتخرج مئات الآلاف من خريجي الهندسة كل عام.
وقد جعلها ذلك قوة تصنيعية في البلاد، وخاصة في صناعة السيارات وقطع غيار السيارات، التي اجتذبت قدراً كبيراً من الاستثمار الأجنبي المباشر في سنوات الازدهار في العقد الأول من القرن العشرين، وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يقدم حوافز سخية للمستثمرين.
ورغم أن هذه الحوافز متاحة في مختلف أنحاء الهند، ومن الممكن توظيف مهندسي الولاية الموهوبين في أماكن أخرى، لكن في ولاية تاميل نادو، أدركت الحكومة الأهمية الحاسمة لتقليل المخاطر التي يتعرض لها المستثمرون، وهناك إجماع سياسي على أنه بمجرد إنشاء المستثمرين متجراً، لا ينبغي لهم أن يخضعوا لعكس السياسات، أو الإهمال، أو التمييز.
(فينانشال تايمز، CNN)