لدى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب والملياردير الأميركي إيلون ماسك طموحات كبيرة لخفض إنفاق الحكومة الفيدرالية وتعزيز كفاءتها من خلال مراجعة ميزانيتها وعملياتها، ومع ذلك، لا تزال هناك حالة غموض تسيطر على تفاصيل هذه الخطط، وسط انتقادات واسعة من الخبراء.
وحذَّر ماسك، أغنى شخص في العالم الذي يمتلك أو يدير العديد من الشركات، من أن أهدافه -بما في ذلك خفض ما لا يقل عن تريليوني دولار من الإنفاق الفيدرالي- يمكن أن تسبب صعوبات مؤقتة قبل أن تخلق في نهاية المطاف ازدهاراً طويل الأجل.
لكن دفعت تصريحاته خبراء الميزانية إلى السخرية، فيما أثارت مخاوف العديد من الموظفين الفيدراليين وأولئك الذين يعتمدون على الحكومة الفيدرالية للحصول على المساعدة في معيشتهم.
ماذا نعرف عن صلاحيات لجنة كفاءة الحكومة الفيدرالية؟
تظل التفاصيل نادرة بشأن كيفية عمل لجنة الكفاءة الحكومية الجديدة، وكيف سيتجنب ماسك وشريكه رجل الأعمال الجمهوري، فيفيك راماسوامي تضارب المصالح، لكن الثنائي تحدثا بصراحة عن مجالات الحكومة التي يرغبان في رؤيتها تتغير، في حين أن لدى ترامب والمشرعين الجمهوريين قائمة طويلة من البرامج والعمليات التي يرغبون في إصلاحها.
ومن المهم أن نلاحظ أنه رغم وعد ترامب بأن المبادرة ستحدث «تغييرات جذرية»، فإن ماسك وراماسوامي لن يكون لهما أي سلطة مباشرة لإجراء تخفيضات في الإنفاق أو تغييرات تنظيمية أو أي تحركات أخرى.
وستكون اللجنة موجودة خارج الحكومة ومن المرجح أن تعمل على تقديم توصيات إلى البيت الأبيض بشأن الميزانية السنوية للرئيس، والتي تحدد رؤية الرئيس ولكن ليس مطلوباً من الكونغرس اتباعها.
وقال خبراء قانونيون لشبكة CNN إن هيئة الكفاءة الحكومية، بناءً على ما هو معروف عنها حتى الآن، من المرجح أن تكون مشمولة بقانون اتحادي يتطلب الشفافية وتوازن وجهات النظر بشأن مثل هذه اللجان الاستشارية.
ومع ذلك، واجهت اللجان السابقة التي ظهرت في ظل إدارة ترامب الأولى دعوى قضائية بموجب القانون، المعروف باسم قانون اللجنة الاستشارية الفيدرالية، وإحدى تلك اللجان التي اختصت في البحث في قضية تزوير الانتخابات في عام 2016، وحلت في النهاية بدلاً من الاستمرار في محاربة القضايا في المحكمة.
أهداف وطموحات
عندما سُئل ماسك على منصة إكس (تويتر سابقاً) الشهر الماضي عن الخطوات الأولى للجنة قال إن هناك الكثير من الهدر في الإنفاق الحكومي لدرجة أنه سيكون من السهل العثور على الأهداف.
وقال ماسك، الذي يمتلك منصة إكس والرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس، «من الواضح أننا، كدولة، نحتاج إلى العيش في حدود إمكانياتنا، وهذا يعني النظر إلى كل بند وكل حساب، ومحاولة الإجابة عن سؤال: هل هذا ضروري على الإطلاق؟»، مشيراً إلى أن هذا النهج قد يسفر عن بعض الصعوبات المؤقتة، لكنه سيضمن الرخاء على المدى الطويل.
في غضون ذلك، نجد راماسوامي، أكثر تحديداً بشأن كيفية تغيير الحكومة الفيدرالية، خاصة أنه كان المرشح الرئاسي الجمهوري السابق لعام 2024، قبل أن يحول دعمه إلى ترامب.
ولفت راماسوامي خلال حملته الانتخابية إلى أنه سيتخلص من نحو 75 في المئة من القوى العاملة الفيدرالية، ويعمل في الوقت الراهن نحو 2.3 مليون مدني في الحكومة الفيدرالية، وما يقرب من 60 في المئة منهم في وزارات الدفاع وشؤون المحاربين القدامى والأمن الداخلي.
وقال راماسوامي رجل الأعمال المتخصص في مجال التكنولوجيا «جحافل البيروقراطيين غير المنتخبين تخنق الابتكار وتتجاهل الرغبات التي صوت لها الشعب الأميركي».
كما تدعو خطط ماسك وراماسوامي إلى القضاء على مكتب التحقيقات الفيدرالي ونقل 15 ألفاً من عملائه الخاصين الذين يحلون القضايا إلى وكالات أخرى؛ والتخلص من الهيئة التنظيمية النووية ونقل مهامها إلى إدارات أخرى.
انتقادات ومخاوف
شكك مجموعة من خبراء الميزانية من مختلف الأطياف السياسية في قدرة هذه اللجنة على خفض ما يقرب من تريليوني دولار سنوياً من الإنفاق، وهو أكثر ما أنفقته الحكومة الفيدرالية على الدفاع والتعليم وصحة المحاربين القدامى وغيرها من البنود التقديرية في السنة المالية الماضية.
وواجهت فكرة خفض إنفاق الحكومة الفيدرالية بهذا المقدار انتقادات من قبل كل من لاري سامرز، وزير الخزانة السابق في إدارة كلينتون، وجلين هوبارد، الرئيس السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين الأميركيين في إدارة جورج دبليو بوش.
وقال كبير مديري سياسة الميزانية الفيدرالية في مركز التقدم الأميركي، بوبي كوجان، إن خفض هذا القدر من الميزانية الفيدرالية، التي بلغ إجماليها نحو 6.8 تريليون دولار في السنة المالية 2024، سيتطلب خفض كل برنامج داخل الميزانية بمقدار الثلث تقريباً.
وأضاف كوغان «إن تريليوني دولار سنوياً هو رقم كبير إلى حد السخافة، إنه مستحيل»، مشيراً إلى أن أكثر من 70 في المئة من إنفاق الحكومة الفيدرالية (لا يشمل مدفوعات الفائدة) يضم برامج مساعدات مثل الضمان الاجتماعي والمساعدات الطبية والرعاية الصحية.
من جانبها قالت رئيسة مركز التقدم الأميركي، شارون باروت إن «الطريقة الوحيدة لتحقيق خفض كبير يقارب المستويات التي طرحها الجمهوريون هي حرمان الناس من الرعاية الصحية».
كما تثير المشاريع التجارية الضخمة لكل من ماسك وراماسوامي مخاوف كبيرة بشأن تضارب المصالح إذا قادا اللجنة الجديدة، على سبيل المثال، انتقد ماسك مراراً وتكراراً اللوائح الحكومية، مشيراً إلى تدخلها في شركاته، وقد ضغط الثنائي وترامب من أجل خفض صرامة هذه القوانين.
وبينما تزداد التكهنات حول مستقبل هذه اللجنة، يواصل الرئيس المنتخب ترامب الإعلان عن فريقه قبل عودته إلى البيت الأبيض، ومن المرجح أن تظل التفاصيل مبهمة بشأن لجنة الكفاءة الحكومية حتى تولي ترامب منصبه رسمياً في يناير كانون الثاني 2025.
(تامي لوهبي، وتيرني سنيد، ورينيه مارش، CNN)