حذّر المشرعون الأميركيون من تحول هونغ كونغ، تحت القبضة الشديدة للصين، إلى مركز عالمي لغسيل الأموال والتهرب من العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة، داعين إلى إعادة تقييم العلاقات التجارية الوثيقة بين أميركا والمركز المالي الآسيوي.
في رسالة إلى وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، أمس الاثنين، طالب زعماء الحزبين في لجنة مجلس النواب الخاصة بالصين بمزيدٍ من التدقيق من جانب واشنطن على القطاع المالي المتضخم في هونغ كونغ، الذي يضم العديد من فروع البنوك الأميركية الكبرى ويمثّل أكثر من خُمس الناتج المحلي الإجمالي للصين.
ووفق نص الرسالة أصبحت هونغ كونغ «قائدة عالمية» في الممارسات المحظورة، بما في ذلك تصدير التكنولوجيا الغربية إلى روسيا، وإنشاء شركات عبارة عن «واجهة» لأنشطة شراء النفط الإيراني وإدارة «السفن الشبح» التي تنقل شحنات التجارة المحظورة مع كوريا الشمالية.
ومنذ أن فرضت بكين قانون الأمن القومي على المدينة عام 2020، تحولت هونغ كونغ من مركز مالي عالمي موثوق به إلى لاعب حاسم في المحور الاستبدادي العميق والذي يضم جمهورية الصين الشعبية وإيران وروسيا وكوريا الشمالية، كما قال المشرعون.
وأضافوا «يتعين علينا الآن أن نتساءل عما إذا كانت السياسة الأميركية القديمة تجاه هونغ كونغ مناسبة، خاصة تجاه قطاعها المالي والمصرفي».
وفي عام 2020 ألغى الرئيس آنذاك، دونالد ترامب، المعاملة الخاصة التي كانت تتمتع بها هونغ كونغ فترة طويلة بموجب القانون الأميركي، رداً على فرض بكين قانون الأمن القومي على المدينة، لينهي ترامب 28 سنة من المعاملة الجمركية المنفصلة للمدينة عن أراضي الصين.
منذ ذلك الحين تعرضت عشرات الشركات التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها إلى العقوبات الأميركية لمحاولتها التهرب من التدابير المكثفة المفروضة على المعاملات الروسية بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال مسؤولون في هونغ كونغ في وقت سابق إن المدينة ليست ملزمة بتنفيذ العقوبات أحادية الجانب التي فرضتها دول أخرى.
واستشهدت رسالة اللجنة بأبحاث نُشرت هذا العام تُظهر أن ما يقرب من 40 في المئة من السلع التي تم شحنها من هونغ كونغ إلى روسيا بين أغسطس وديسمبر 2023 «من المرجح» أنها غذت إنتاج موسكو من السلع العسكرية مثل الصواريخ والطائرات.
وطلب المشرعون من مسؤولي وزارة الخزانة إطلاع اللجنة على «الوضع الحالي للعلاقات المصرفية الأميركية مع بنوك هونغ كونغ، وكيف تحولت سياساتنا لتعكس التغييرات في وضع هونغ كونغ وموقفها، والتدابير التي تخطط وزارة الخزانة لتنفيذها لمعالجة هذه المخاطر».
ووقّع الرسالة النائب الجمهوري جون مولينار، الذي يرأس اللجنة، والنائب راجا كريشنامورثي، أقدم عضو ديمقراطي في اللجنة.
يأتي هذا في الوقت الذي يستعد فيه ترامب للعودة إلى البيت الأبيض بحكومة مليئة بالصقور المتحفزين للهجوم على الصين، بما في ذلك ماركو روبيو، الذي تم تعيينه وزيراً للخارجية.
روبيو، المنتقد الشرس لسيطرة بكين على هونغ كونغ، دعم تشريعاً يعاقب المسؤولين الصينيين بسبب انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في هونغ كونغ، كما اقترح مشروع قانون قيد النظر الآن في الكونغرس للسماح لوزير الخارجية بإلغاء تصاريح المكاتب الاقتصادية والتجارية لهونغ كونغ في الولايات المتحدة.
كما عيّن ترامب سكوت بيسنت وزيراً لخزانته، الرجل الذي وصف بكين في مقابلة أجريت معه مؤخراً بأنها «نظام استبدادي».
وقال إسحاق ستون فيش، الرئيس التنفيذي لشركة المخاطر الاستراتيجية، وهي شركة استشارات ومعلومات تجارية تركّز على الصين، «في الواقع، يبدو أن بيسنت سيكون وزير الخزانة الأكثر تشدداً منذ سبعينيات القرن الماضي، وهذا له آثار هائلة على الشركات الأميركية المرتبطة بهونغ كونغ»، مضيفاً أن فكرة التعامل مع هونغ كونغ باعتبارها مدينة مستقلة عن الصين «مهزلة، وتحتاج الشركات الأميركية إلى فهم أن عملياتها في هونغ كونغ من المرجح أن تخضع لتدقيق متزايد».