يبدو أن دونالد ترامب الرئيس الأميركي المنتخب، له وجهة نظر بشأن فرض التعريفات الجمركية، إذ يرى فيها سلاحاً لدعم الاقتصاد الأميركي.

يستهدف ترامب فرض التعريفات الجمركية على الدول الصديقة لأميركا والمعادية، معالجة قضايا كثيرة بداية من القضايا التي تخص الاتجار بالمخدرات والهجرة غير الشرعية، وصولاً إلى قضية التهديد بإنهاء هيمنة الدولار.

يرى ترامب «رجل التعريفات الجمركية»، كما يطلق على نفسه، أن التعريفات أعظم شيء تم اختراعه على الإطلاق، إذ إنها مصممة لبناء أقصى قدر من الضغط على الدول الأخرى، وإجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

ولذلك هناك حجة لصالح استخدام التعريفات الجمركية كورقة مساومة قوية، وإن كانت تنطوي على مخاطر رفع الأسعار على المستهلكين الذين يعانون بالفعل من ارتفاع تكاليف المعيشة.

لماذا تعتبر التعريفات الجمركية شبحاً للدول؟

تستورد الولايات المتحدة سلعاً بقيمة 3 تريليونات دولار أميركي سنوياً، ويمكن أن يخلق شبح التعريفات الجمركية نفوذاً حقيقياً مع الدول التي قد تسحق اقتصاداتها إذا لم تتمكن فجأة من بيع السلع للأميركيين لأن ترامب فرض للتو تعريفة جمركية بنسبة 100% عليها.

قال ستيفن مور، المستشار الاقتصادي الكبير السابق خلال فترة ولاية ترامب الأولى، إذا لم نستكمل تجارة أميركا مع المكسيك، فسيبقى الأميركيون على قيد الحياة، لكن هذا سيكون «نهاية العالم بالنسبة للمكسيك، وبالتالي هذا يمنحنا نفوذاً، والنفوذ هو كل شيء عندما تتفاوض».

قال مور، الذي كان يفضل التجارة الحرة بلا خجل، «إن ترامب أقنعه بأن التعريفات الجمركية يمكن استخدامها كأداة للتفاوض»، وأضاف: «إنها لعبة خطيرة، لعبة يمكن أن تنجح».

تتفق كريستين ماكدانييل، المسؤولة التجارية في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش وباحثة بارزة في مركز ميركاتوس بجامعة جورج ماسون، على أن التعريفات الجمركية يمكن استخدامها لتهديد الدول الأخرى وإقناعها بالتوصل إلى صفقات مع واشنطن.

وقالت ماكدانييل: «يمكن أن تكون فعالة، لكنها بحاجة إلى أن تكون تهديداً مشروعاً، ويجب أن تكون كبيرة، وهي محفوفة بالمخاطر».

كيف تدعم سياسة فرض التعريفات اقتصاد أميركا؟

قالت كارولين ليفات، المتحدثة باسم انتقال ترامب-فانس، لشبكة CNN: «في ولايته الأولى، فرض الرئيس ترامب تعريفات جمركية ضد الصين خلقت فرص عمل، وحفزت الاستثمار، وأسفرت عن عدم التضخم».

وأضافت أن «الرئيس ترامب سيعمل بسرعة على إصلاح واستعادة الاقتصاد الذي يضع العمال الأميركيين من خلال إعادة الوظائف الأميركية إلى الداخل، وخفض التضخم، ورفع الأجور الحقيقية، وخفض الضرائب، وخفض اللوائح، وتحرير الطاقة الأميركية».

خلال فترة ولايته الأولى، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية على السيارات المستوردة، وهو التهديد الذي لفت انتباه اليابان، وهي دولة يعتمد اقتصادها على بيع السيارات للأميركيين.

توصل ترامب في وقت لاحق إلى اتفاق مع طوكيو أشاد به المزارعون لأنه فتح الأسواق اليابانية أمام السلع الزراعية الأميركية.

وقالت ماكدانييل: «لقد كان الأمر مربحاً للجانبين»، وأضافت أن السبب الوحيد وراء ضرورة الاتفاق هو أن ترامب سحب الولايات المتحدة من الشراكة عبر المحيط الهادئ، الأمر الذي تسبب في «خسارة كبيرة» للزراعة الأميركية.

ومن الممكن أن يستخدم ترامب الثاني التعريفات الجمركية، أو على الأقل التهديد بفرض التعريفات الجمركية، لحمل المكسيك أو كندا أو الصين أو دول أخرى على معالجة قضايا مشروعة مثل الاتجار بالمخدرات.

وقال مور، وهو زميل زائر كبير في الاقتصاد في مؤسسة هيريتيج، وهي مؤسسة بحثية محافظة: «إن استخدام التعريفات الجمركية كسلاح لتشجيع الدول الأخرى على منع المخدرات من الوصول إلى الولايات المتحدة يمكن أن ينقذ الأرواح».

سلبيات فرض التعريفات الجمركية

صرح ستيفن مور، المستشار الاقتصادي لترامب، لشبكة CNN بأن الرئيس المنتخب «مخطئ» في تهديده بفرض رسوم جمركية على دول البريكس لحماية هيمنة الدولار.

وفي عام 2019، أشاد ترامب باتفاقية التجارة للمرحلة الأولى مع الصين باعتبارها فوزاً كبيراً للمزارعين، لأن بكين وعدت بزيادة مشترياتها من السلع الزراعية الأميركية بشكل حاد.

ومع ذلك، تراجعت الصين كثيراً -بما يزيد على 200 مليار دولار- عن التزامها بشراء السلع والخدمات الأميركية، وفقاً لتقرير وزارة التجارة.

قالت إيريكا يورك، الخبيرة الاقتصادية ومديرة الأبحاث في مؤسسة الضرائب، وهي مؤسسة بحثية ذات ميول يمينية: «إنه يوجه تهديداً هائلاً بفرض تعريفات جمركية، وتسعى الدول لتقديم الفوز في المفاوضات لترامب بمجهود قليل إذ إنهم يقدمون اتفاقاً على الورق ولا تدخل التعريفات الجمركية حيز التنفيذ».