لا يزال التعامل مع سقف الديون الأميركي، الذي سيتم إعادة تحديده في الثاني من يناير، على قائمة قرارات العام الجديد للجمهوريين في الكونغرس.
ففي الأسبوع الماضي، فشل مجلس النواب في تمرير تمديد لمدة عامين لتعليق سقف الدين كجزء من مشروع قانون الإنفاق الحكومي الذي يقوده الحزب الجمهوري، لكن الكونغرس أقر حزمة لتمويل الحكومة الفيدرالية حتى منتصف مارس، لم تتضمن طلب ترامب التعامل مع سقف الديون.
وفي الثاني من يناير، يوم إعادة تحديد سقف الدين، من المتوقع أن ينخفض الدين المستحق على البلاد نتيجة استرداد ما قيمته 54 مليار دولار من الأوراق المالية، وفقاً لرسالة أرسلتها وزيرة الخزانة جانيت يلين إلى زعماء الكونغرس بعد ظهر يوم الجمعة الماضي.
كان ترامب يأمل في معالجة سقف الديون الآن جزئياً حتى لا يؤثر ذلك على الأجندة الطموحة (التوسعية)، التي يريد تمريرها عبر الكونغرس العام المقبل، كما تمنى لو تم رفع سقف الدين في عهد بايدن، حتى يتحمل الرئيس جو بايدن أي انتقادات بسبب هذه الزيادة، وهي الخطوة التي لا تحظى بشعبية بين المحافظين الماليين في حزب ترامب.
وقال الرئيس المنتخب في بيان الأسبوع الماضي “إذا لم يتعاون الديمقراطيون بشأن سقف الدين الآن، فما الذي يجعل أي شخص يعتقد أنهم سيفعلون ذلك في يونيو أثناء إدارتنا؟”.
موعد تحديد سقف الدين
تنفق الأمة أكثر مما تتلقاه من إيرادات، وعليها الاقتراض لتغطية الفرق، لكن هذا الاقتراض له سقف لا يمكن تجاوزه.
ستتم إعادة تحديد سقف الدين في الثاني من يناير بمقدار (الدين المستحق في نهاية اليوم السابق 1 يناير)، والأمر الجيد أنه من المتوقع أيضاً أن تنخفض الديون بمقدار 54 مليار دولار في يوم 2 يناير.
وبالتالي هناك فترة قصيرة تستطيع فيها الولايات المتحدة الاستدانة بأريحية حتى تصل مجدداً إلى سقف الدين، ولا يُتوقع أن تصل الأمة إلى الحد الذي أعيد فرضه حتى وقت ما بين 14 و23 يناير، كما كتبت يلين في رسالتها.
وهذه الفترة القصيرة ما بين 2 يناير وتاريخ الوصول إلى سقف الدين من جديد، سيكون من الضروري أن تعمل وزارة الخزانة على سداد فواتير الحكومة الفيدرالية، وعندما تصل أميركا مجدداً إلى سقف الدين، ستبلغ وزيرة الخزانة جانيت يلين، أو خليفتها الذي سيختاره ترامب، الكونغرس، حتى يتخذوا خطوات تحمي أميركا من التخلف عن سداد التزاماتها لأول مرة.
أزمة لا تحدث أبداً
تعاملت الولايات المتحدة آخر مرة مع أزمة سقف الدين في أوائل عام 2023، عندما وصلت إلى حد ديونها البالغ 31.4 تريليون دولار، وبعد أشهر من المفاوضات بين مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون من ناحية والديمقراطيين الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ والبيت الأبيض من ناحية أخرى، أقر الكونغرس قانون المسؤولية المالية الحزبي في يونيو 2023، الذي علق سقف الدين حتى الأول من يناير 2025، مع الالتزام ببعض القيود والتخفيضات في الإنفاق، ولو بشكل مؤقت.
يبلغ سقف الدين حالياً نحو 36.1 تريليون دولار.
لم يحدث أبداً أن تخلفت أميركا عن سداد ديونها، ولكن إذا حدث تخلف عن السداد فالعواقب الأهم هي توقف صرف رواتب أكثر من مليوني موظف مدني فيدرالي، ونحو 1.4 مليون عضو في الخدمة العسكرية في الوقت المحدد، كما ستشهد الشركات المتعاملة مع الحكومة تأخيراً في المدفوعات، هذا بالإضافة إلى تراجع تصنيف الاقتصاد الأميركي وزعزعة استقرار أسواق الأسهم، وارتفاع العائدات على سندات الخزانة الأميركية، ما يزيد من تكاليف الاقتراض.
ماذا يريد الجمهوريون؟
طرح زعماء الحزب الجمهوري في مجلس النواب الأسبوع الماضي فكرة رفع سقف الدين بمقدار 1.5 تريليون دولار العام المقبل، من أجل تمويل تدابير الأمن الحدودي وتوفير الطاقة، مع الالتزام بتخفيض الإنفاق بقيمة 2.5 تريليون دولار، بهدف إرضاء الأعضاء المحافظين الذين يعارضون زيادة سقف الدين دون تخفيضات مصاحبة.
والجمهوريون لن يحتاجوا إلا إلى أغلبية بسيطة من الأصوات في مجلس الشيوخ لتمرير خطتهم، وسيكون للحزب 53 مقعداً في مجلس الشيوخ العام المقبل من أصل 100 مقعد، أي أنهم لن يحتاجوا إلى التفاوض مع الديمقراطيين.
لكن شاي أكاباس، المدير التنفيذي لبرنامج السياسات الاقتصادية بمركز السياسة الحزبية، صرح لشبكة سي إن إن، أنه حتى لو رفع الحزب الجمهوري سقف الدين بمقدار 1.5 تريليون دولار، فإن هذا لن يمنح الحزب الكثير من الوقت، ووفقاً لحساباته التقريبية «ستصل الولايات المتحدة إلى السقف الجديد في النصف الثاني من العام المقبل، مع احتمالات التخلف عن السداد في النصف الأول من عام 2026».
ويرجح العديد من الخبراء أن موارد وزارة الخزانة كافية فقط لمواصلة سداد الفواتير حتى منتصف 2025، وهذا من شأنه أن يمنح المشرعين عدة أشهر فقط لتحديد كيفية معالجة سقف الدين.