سداد مستحقات شركات النفط الأجنبية طريق مصر الوحيد لزيادة إنتاج الغاز

في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة المصرية إلى تحفيز شركائها من شركات النفط العالمية لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي والزيت الخام في محاولة منها لتوفير إمدادات الوقود لمحطات الكهرباء لمنع عودة ظاهرة انقطاع الكهرباء مرة أخرى، يرى العديد من الخبراء ومحللي الطاقة أن التزام الحكومة بسداد مستحقات الشركاء الأجانب سيسهم في زيادة الإنتاج المحلي المصري من الغاز الطبيعي والنفط الخام.

قدمت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية العديد من الحوافز لتشجيعهم على زيادة الإنتاج المحلي للبلاد من النفط والغاز، إذ تضمنت تلك الحوافز وضع جدول زمني لسداد مستحقات الشركاء، بالإضافة إلى السماح للشركاء بتصدير جزء من حصصهم من خلال محطات الإسالة المصرية «لكن من خلال كميات الغاز التي ستتم إضافتها خلال العام القادم، في حين التوافق مع الشركاء الراغبين في بيع الغاز والنفط للحكومة المصرية، ولكن بأسعار أعلى من المتفق عليها، تعادل الأسعار التي تحقق لهم أرباحاً في حال تصديره».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وخلال اجتماع عقده مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري، نهاية أغسطس آب الماضي، استعرض الإجراءات التحفيزية لزيادة الإنتاج المصري من الغاز الطبيعي، لتتضمن إجراءات دفع الفاتورة الشهرية للشركاء من أجل ضمان عودة زيادة أعمال الاستكشافات والإنتاج.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

لذا، فالحكومة تعمل على الالتزام باستدامة سداد مبلغ شهري للشركاء الأجانب للحفاظ على معدلات الإنتاج، واستمرار تلك الاستكشافات، بالإضافة إلى السماح بتصدير حصة معينة من الإنتاج الجديد من الغاز، بحيث تُستخدم عائداتها في سداد المستحقات المطلوبة، بالإضافة لرفع سعر حصة الشريك الأجنبي من الإنتاج الجديد من الغاز، وفقاً للنموذج الاقتصادي.

ويقول مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول المصري الأسبق، إن إجراءات تحفيز شركات النفط العاملة في مصر تعمل على تحسين العلاقة بين الحكومة المصرية والشركات، حيث تسعى الشركات إلى الحصول على كامل مستحقاتها والتزام الحكومة المصرية بجدولة السداد، حيث زيادة الإنتاج المحلي من النفط والغاز أصبح مرهوناً بسداد مستحقات الشركاء.

وأضاف يوسف، في مقابلة مع «CNN الاقتصادية»، أن الحكومة المصرية ستعمل على زيادة وارداتها من الغاز المُسال خلال فترة الصيف لتوفير احتياجات السوق المحلي من الغاز الطبيعي، «أعتقد أن الصيف سيكون هادئاً إلى حد ما، لكن إذا زاد استهلاك محطات الكهرباء خلال فترة الصيف ستلجأ الحكومة المصرية إلى التوسع في استهلاك المازوت الذي يعتبر أغلى من الغاز الطبيعي، ما يزيد أعباء الموازنة المصرية».

وتستهدف الحكومة المصرية عودة تصدير الغاز المسال خلال عام 2027، بعد توقف دام لمدة عامين، نتيجة زيادة الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي.

ويقول نائب رئيس هيئة البترول المصري الأسبق: «حتى تستطيع الحكومة المصرية عودة تصدير الغاز المسال من محطتي الإسالة المصرية، لا بُد من التوصل إلى اكتشاف لحقول غاز ضخمة تفوق اكتشاف حقل ظهر لزيادة الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي».

وتقول لورا باجي، مديرة تحليلات الغاز الطبيعي والغاز المسال لدى كبلر، إنه على الرغم من تجدد أنشطة الحفر في حقول الغاز الرئيسية في مصر، أفادت مبادرة جودي (JODI) بأن الإنتاج استمر في الانخفاض في يناير كانون الثاني 2025، حيث انخفض الإنتاج من 3.8 مليار متر مكعب في ديسمبر كانون الأول 2024 إلى 3.7 مليار متر مكعب في يناير 2025، وهو أدنى مستوى إنتاج سُجّل منذ أواخر عام 2016، قبل بدء تشغيل حقل ظهر.

وأضافت باجي، أنه حتى 2 أبريل نيسان، كانت شركة شل هي الوحيدة التي بدأت تشغيل إمدادات جديدة، حيث أضاف مشروع غرب الدلتا للحفر البحري العميق) المرحلة العاشرة نحو 4 ملايين متر مكعب يومياً (145 مليون قدم مكعبة يومياً) من الإنتاج في ديسمبر ويناير، حيث من المقرر أن يبدأ إنتاج 19 مليون متر مكعب إضافي يومياً (570 مليون قدم مكعبة يومياً) من الإمدادات المحتملة، موزعة بين حفر الآبار الإضافية في حقل رايفن التابع لشركة بي بي، والآبار الفرعية في حقل ظهر التابع لشركة إيني، ومشروع WDDM التابع لشركة شل، خلال فصل الصيف، إلّا أنه ومع ذلك، حتى مع هذه الإضافات الإنتاجية، من المتوقع أن يظل إنتاج الغاز الطبيعي المصري مستقراً نسبياً هذا العام، حيث تسهم كميات الغاز الجديدة بشكل رئيسي في التخفيف من حدة الانخفاض.

ويقول أندرياس شرودر، رئيس تحليلات الطاقة في مؤسسة إندبندنت كوموديتي إنتليجنس سيرفيسز ICIS، إنه قد يكون هناك احتمال لزيادة الطلب الفوري على الغاز الطبيعي المُسال، متجاوزاً السعر الأساسي طويل الأجل خلال فصل الصيف، عندما يؤدي ارتفاع الطلب على الكهرباء في مصر إلى زيادة توليد الطاقة بالغاز.

ومع ذلك، من المرجحّ أن يحدث ارتفاع الأسعار المتوقع من القدرة على شراء كميات كبيرة تتجاوز تلك المشمولة في الصفقات طويلة الأجل.

وأضاف شرودر، أنه من المتوقع استمرار انخفاض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي خلال معظم عام 2025، حيث من المتوقع أن تبدأ شركة إيني بعض أعمال الإصلاح في حقل ظهر مطلع عام 2025، لكن من غير المرجح أن يزيد هذا الإنتاج على 6 ملايين متر مكعب يومياً».

وتقول مهرون إيتباري، مديرة قسم الغاز الطبيعي المسال العالمي في ستاندرد آند بورز كوموديتي إنسيتس، إنه في الوقت الذي تعمل فيه برامج الحفر على زيادة إنتاج مصر من الغاز الطبيعي من مشاريع رئيسية مثل حقل رافن في دلتا النيل الغربي وحقول غرب الدلتا العميقة، وأن تُثبت انخفاض إنتاج حقل ظهر، فإن اتجاهات الانخفاض العامة في الحقول الأخرى من المرجّح أن تؤدي إلى انخفاض في إنتاج العام بأكمله مقارنة بعام 2024.

وأضافت إيتباري أن مواصلة مصر التفاوض مع شركات النفط لزيادة استثماراتها في الاستكشاف والإنتاج في البلاد، وتعمل على سداد مستحقاتها المتأخرة لشركائها لتشجيعهم على ذلك، حيث إن تعزيز سمعتها كشريك يسدد مستحقاته لشركات النفط بشكل موثوق وسريع أمر بالغ الأهمية لمصر في سعيها لتشجيع المزيد من التطوير، «ولكن حتى لو استقر إنتاج مصر من الغاز الطبيعي عند مستوى ٤.٢-٤.٣ مليار قدم مكعبة يومياً الذي شهدناه في يناير، فإن هذا يعني انخفاضاً بنحو 10 بالمئة مقارنة بالعام الماضي على أساس سنوي».

وتتوقع مدير قسم الغاز الطبيعي المسال العالمي في ستاندرد آند بورز كوموديتي إنسيتس، أن يغطي إنتاج مصر من الغاز الطبيعي نحو 70 بالمئة فقط من إجمالي الاستهلاك عام 2025، بينما سيوفّر غاز الأنابيب الإسرائيلي النسبة المتبقية، بالإضافة إلى نمو كبير في واردات الغاز الطبيعي المسال، حيث إنه يبدو أن مصر ملتزمة بتجنب أي فجوة في إمدادات الوقود قد تؤدي إلى عودة انقطاعات التيار الكهربائي واسعة النطاق والمدمرة التي شهدتها السنوات القليلة الماضية، وستكون واردات الغاز الطبيعي المسال عنصراً أساسياً في تغطية احتياجات الاستهلاك في البلاد.

وتقول إيتباري، إن حصة الغاز الطبيعي المسال في تغطية الفجوة في مصر قد تعتمد على الأسعار، فنظراً للمخاوف المالية للبلاد والارتفاع النسبي في أسعار الغاز الطبيعي المسال الفورية، حيث من المرجّح أن تزيد مصر وارداتها من زيت الوقود المازوت لتكملة الغاز في توليد الطاقة، وكذلك لتوفير العملة الأجنبية، فمن المرجح أن تؤثّر التغيرات في الأسعار الفورية لكل من الغاز الطبيعي المسال والمازوت في مستوى استخدام المازوت.