بعد أشهر من القلق بشأن تخمة معروض نفطي عالمي نتيجة ارتفاع إنتاج دول «أوبك+»، تغيرت المعادلة خلال ساعات قليلة هذا الأسبوع، عقب تصعيد عسكري بين «إسرائيل» و«إيران»، وتصاعدت احتمالات تعرّض البنية التحتية النفطية الإيرانية لضربات مباشرة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 13 في المئة، وهو أكبر صعود منذ بداية العام.
تحولت الأسواق فجأة من التفكير في تخمة المعروض إلى
سيناريو العجز الحاد، بعد أن وجدت نفسها أمام احتمال فقدان إمدادات تتجاوز مليونَي برميل يومياً من النفط الإيراني المصدّر.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
هدّدت طهران بالرد على الهجوم الإسرائيلي الأخير، ما عزّز من احتمالات اتساع رقعة الصراع وتأثيره على أمن الطاقة في المنطقة.
في حال تضررت منشآت النفط الإيرانية، فإن الخيارات المتاحة لتعويض الإمدادات تبقى محدودة للغاية، فوفقاً لمصادر صناعية ومحللين، فإن الطاقة الفعلية المتاحة لتعويض أي نقص كبير لا تتجاوز ثلاثة ملايين برميل يومياً، وهي قدرة تقترب من إجمالي إنتاج إيران الحالي البالغ نحو 3.3 ملايين برميل يومياً، بما يشمل صادرات تتجاوز مليونَي برميل.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
السعودية والإمارات وحدهما من بين أعضاء «أوبك+» القادرتان فعلياً على ضخ كميات إضافية بسرعة نسبية، وتشير التقديرات إلى أن المملكة يمكنها رفع إنتاجها بمقدار 2.5 مليون برميل.
بينما تملك الإمارات قدرة محتملة لزيادة الإنتاج بين 1 إلى 1.5 مليون برميل يومياً، لكن حتى هذه الأرقام لا تزال محل جدل، إذ يرى بعض المحللين أن القدرة الإضافية المتوفرة «على الورق» لا تعني بالضرورة جاهزية فعلية.
أوقفت السعودية التي من المتوقع أن يصل إنتاجها في يوليو تموز إلى ما فوق 9.5 ملايين برميل، خططها لتوسعة الطاقة الإنتاجية إلى ما بعد 12 مليون برميل يومياً، وفضلت توجيه استثماراتها إلى مشاريع أخرى.
أما روسيا، ثاني أكبر منتج في «أوبك+»، فتعاني من قيود عقوبات غربية جعلت من قدرتها على رفع الإنتاج محدودة، إذ يقدّر محللو «جيه بي مورغان» قدرتها الإضافية بـ250 ألف برميل فقط.
تتفاقم الأزمة بسبب أن كثيراً من أعضاء «أوبك+» الآخرين يعملون فعلياً عند حدود طاقتهم القُصوى، وهو ما ظهر جلياً في نتائج زيادات الإنتاج الأخيرة، إذ عجز بعض الأعضاء عن الوفاء بالحصص المقررة عليهم، ما يعكس تآكل فعلياً لقدراتهم بعد سنوات من خفض الإنتاج وضعف الاستثمار في البنية التحتية خلال فترة جائحة «كوفيد-19».
السيناريو الأكثر إثارة للقلق، حسب محللين، يتمثل في لجوء إيران للرد عبر استهداف البنية التحتية النفطية لجيرانها أو تهديد الملاحة في مضيق هرمز، الممر الذي تمر عبره نحو 20 في المئة من إمدادات النفط العالمية.
مثل هذا السيناريو، وفقاً لتقديرات «رايستاد إنرجي»، قد يرفع أسعار النفط بما يزيد على 20 دولاراً للبرميل، في ضوء غياب قدرة حقيقية لتعويض النقص السريع.
الاجتماع الأخير لتحالف «أوبك+» كشف أيضاً تبايناً داخل المجموعة، إذ دعمت كل من روسيا، وسلطنة عُمان، والجزائر فكرة تأجيل الزيادات المقررة في يوليو تموز، بينما تميل السعودية إلى إنهاء تخفيضات بواقع 800 ألف برميل يومياً بحلول نهاية أكتوبر تشرين الأول، وهو ما يشير إلى احتدام الخلافات الداخلية وسط تحديات الإنتاج والطاقة الفعلية.