قصف حقل «بارس الجنوبي».. رصاصة في شريان الغاز العالمي

أكبر حقل غاز في مرمى الصراع.. تصعيد يهدد إمدادات الغاز عالمياً (أ.ف.ب)
استهداف حقل «بارس» الجنوبي.. رصاصة في خزان الغاز العالمي
أكبر حقل غاز في مرمى الصراع.. تصعيد يهدد إمدادات الغاز عالمياً (أ.ف.ب)

اشتعلت النيران في منشأة غازية وسط الخليج فجر يوم 14 يونيو 2025، لكن الحريق لم يكن مجرد حادث عابر، بل نتيجة لضربة عسكرية إسرائيلية استهدفت جزءاً من حقل «بارس الجنوبي» في إيران.

ولا يُعد الحقل مجرد منشأة إنتاج، بل هو شريان طاقة عالمي تتقاسمه إيران وقطر، ويُغذي نحو 10 في المئة من إمدادات الغاز العالمية، وبسبب موقعه الجغرافي الحساس قرب مضيق هرمز، وأهميته الاقتصادية الكبرى، أصبح محوراً محتملاً لصراعات تتجاوز حدود المنطقة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

أكبر حقل غاز في العالم

يقع حقل بارس الجنوبي، المعروف في الجانب القطري باسم حقل غاز الشمال في مياه الخليج العربي، وتُقدّر مساحته بنحو 9700 كيلومتر مربع، تتقاسمها إيران وقطر بنسبة تقارب 40 في المئة للأولى و60 في المئة للثانية.

ويُعتبر الحقل أحد أبرز مصادر الطاقة العالمية، إذ يحتوي على نحو 1800 تريليون قدم مكعبة من الغاز، تمثل نحو 20% في المئة من الاحتياطي العالمي المؤكد، إلى جانب 50 مليار برميل من المكثفات الغازية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

ويُقدر إنتاج الحقل المشترك من الغاز بنحو 700 مليون متر مكعب يومياً، ما يعادل 6 في المئة إلى 10 في المئة من الإنتاج العالمي، حسب بيانات وكالة الطاقة الدولية وتقارير شركة «بي بي» البريطانية.

وتنتج إيران وحدها نحو 275 مليار متر مكعب سنوياً، تُستهلك محلياً بسبب العقوبات الغربية، بينما تصدّر قطر الغاز المُسال بكمية تصل إلى 77 مليون طن سنوياً، اعتماداً على شراكات مع شركات كبرى مثل «شل» و«إكسون موبيل».

ورغم أن الجانبين يتقاسمان الحقل جغرافياً، فإن التفاوت التكنولوجي والاستثماري يخلق فجوة في الإنتاج؛ إذ تنتج قطر نحو 650 مليون متر مكعب يومياً مقابل 430 مليون متر مكعب فقط لإيران.

ويعود ذلك لاعتماد طهران على شركات محلية لتنفيذ مراحل التطوير (مثل 14 و23 و24)، في حين استفادت الدوحة من استثمارات عالمية نقلت لها أحدث التقنيات.

الهجوم الإسرائيلي وتداعياته

بحسب وكالة «تسنيم» الإيرانية، أدى الهجوم الأخير من إسرائيل إلى نشوب حريق في واحدة من أربع وحدات ضمن المرحلة 14 من الحقل، ما تسبب في توقف مؤقت لإنتاج نحو 12 مليون متر مكعب من الغاز يومياً.

وتزداد خطورة الهجوم بسبب أهمية حقل «بارس الجنوبي» للاقتصاد الإيراني، إذ يمثل شريان الطاقة الرئيسي للبلاد، ويُسهم بنسبة كبيرة من الناتج المحلي، خاصة في ظل عجز البلاد عن تصدير الغاز بسبب العقوبات.

وتشير تقديرات أولية لوكالة رويترز إلى أن تعليق الإنتاج حتى لو مؤقتاً قد يُكلف طهران مئات الملايين من الدولارات يومياً، وهو ما يُفاقم أزماتها الاقتصادية القائمة.

ورغم إعلان وزارة النفط الإيرانية عن «السيطرة على الحريق» واستئناف الإنتاج تدريجياً، فإن آثار الهجوم امتدت إلى الأسواق العالمية.

ردود فعل الأسواق

حين تضرب صواريخ منشأة بهذه الأهمية، لا يتوقف الأمر عند حدود جغرافية أو سياسية، وتكون النتيجة أن الأسواق تترنح، وأسعار النفط تقفز، والعيون تتجه إلى الخليج بمزيج من القلق والحذر.

وكرد فعل أولي، ارتفعت أسعار النفط بما يتراوح بين 9 و14 في المئة خلال 24 ساعة من الضربة، خاصة أن الحقل يقع قرب مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله نحو 20 في المئة من صادرات النفط العالمية، ما يضيف بعداً استراتيجياً للهجوم.

كما تراجعت مؤشرات البورصات في دول الخليج ومصر، مدفوعة بمخاوف من تصعيد جديد قد يهدد خطوط نقل الغاز والنفط، ويؤثر على استقرار أسواق الطاقة.

ويعد استهداف منشآت الطاقة تغييراً ملحوظاً في استراتيجية الصراع، بعد أن كانت إسرائيل تتجنب الهجوم على البنى التحتية الحيوية، نظراً لخطورتها على الأسواق العالمية.

وتنذر هذه الخطوة باحتمال توسع رقعة المواجهة لتطال طرق النقل كخليج عُمان ومضيق هرمز، وهو ما يثير مخاوف دول كبرى مؤثرة مثل الصين وأوروبا.