محللون: استثمارات التنقيب عن الغاز الطبيعي إلى تصاعد رغم صخب الطاقة المتجددة

shutterstock_413486581
محللون: استثمارات التنقيب عن الغاز الطبيعي إلى تصاعد رغم صخب الطاقة المتجددة
shutterstock_413486581

توقع عدد من محللي قطاع الغاز الطبيعي أن استخدام الغاز الطبيعي كمرحلة انتقالية من الوقود الاحفوري إلى الطاقة الجديدة والمتجددة سيؤدي إلى زيادة الاستثمارات الخاصة بعمليات البحث والتنقيب، وهو ما سيدعم الدول في تخصيص استثمارات ودعم مصادر الطاقة المتجددة، وليس على حسابها.

ويقول ممدوح سلامة، خبير اقتصادي دولي في النفط والطاقة العالمية، لـ«CNN الاقتصادية»، إن الغاز الطبيعي شأنه شأن النفط والفحم، مصدر جيد للطاقة في حد ذاته، لذلك سيستمر الوقود الأحفوري في دفع عجلة الاقتصاد العالمي طوال القرن الحادي والعشرين، وربما إلى ما بعده، علاوة على ذلك للغاز الطبيعي تأثير مباشر وإيجابي في استثمارات الطاقة المتجددة، إذ لا تستطيع هذه الطاقة وحدها تلبية الطلب العالمي على الكهرباء دون مساهمات كبيرة من الغاز الطبيعي والفحم والطاقة النووية.. والسبب هو الطبيعة المتقطعة لطاقتي الشمس والرياح».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وأضاف سلامة أنه لا خيار أمام مصادر الطاقة المتجددة سوى استخدام الغاز الطبيعي والفحم، لا سيما وأن الفحم يُولّد أرخص أنواع الكهرباء في العالم، إذ يكمن تعدد استخدامات الغاز الطبيعي في إمكانية استخدامه بمفرده لتوليد الكهرباء، كما أنه جسر للانتقال من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة، ولقد قطعت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح شوطاً كبيراً في توليد الكهرباء عالمياً في العالم، وخاصة في الصين والاتحاد الأوروبي، لهذا السبب أشك في أن الغاز الطبيعي يمكن أن يحل محلهما».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن تبلغ الاستثمارات السنوية في الغاز الطبيعي ما بين 200 و280 مليار دولار حتى عام 2030، اعتماداً على السيناريوهات السياسية المختلفة. وتشمل هذه الاستثمارات تطوير الحقول والبنية التحتية وتوسيع طاقة التصدير خصوصاً عبر مشاريع الغاز الطبيعي المُسال (LNG).

ويقول خبير اقتصادي دولي في النفط والطاقة العالمية، إنه مع ذلك سيواصل الغاز الطبيعي والفحم لعب دور رئيسي في دعم الطاقة المتجددة في المستقبل، إن لم يكن للأبد، وبما أن الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة يتكاملان، فإن أي زيادة في استثمارات الطاقة المتجددة ستتطلب زيادة الاستثمارات في الغاز الطبيعي أيضاً.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بنسبة 1.5% أو بمقدار 65 مليار متر مكعب فقط خلال عام 2025، ليصل الإجمالي إلى 4.275 تريليون متر مكعب.

وكان الطلب على الغاز الطبيعي قد ارتفع بنسبة 2.7% أو ما يعادل 112 مليار متر مكعب عام 2024، ليصل إلى 4.21 تريليون متر مكعب، ما يشير إلى تباطؤ نمو الطلب العالمي عام 2025.

ويقول فابيان رونينجن، نائب الرئيس للطاقة المتجددة والطاقة بشركة «ريستاد إنيرجي» الاستشارية للطاقة، إنه على المستوى العالمي، تُعدّ الإضافات في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أكبر بكثير من الغاز الطبيعي، وتشير التوقعات إلى أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ستستمران في التفوق على طاقة الغاز الطبيعي على المدى القصير/ المتوسط، ومع ذلك، تنظر العديد من الدول حول العالم إلى الغاز الطبيعي كجزء أساسي من استراتيجياتها للتحول في مجال الطاقة، وذلك بسبب التحول من الفحم إلى الغاز، حيث إنه ذو أهمية خاصة في جميع أنحاء آسيا، ما يعد فائدة مزدوجة لانخفاض الانبعاثات المباشرة، بالإضافة إلى خصائص المرونة الفائقة للغاز الطبيعي مقارنةً بالفحم.

ويشير تقرير «World Energy Investment 2025» إلى أن الاستثمارات العالمية في الطاقة ستبلغ 3.3 تريليون دولار هذا العام، منها 1.1 تريليون دولار مخصصة للنفط والغاز والفحم، مقابل 2.2 تريليون للطاقة النظيفة.

وأضاف رونينجن، أن العديد من دول العالم لا تزال تعاني زيادة سريعة في الطلب على الطاقة، ولن تتمكن مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة المتنامية وحدها من تلبية هذا الطلب المتزايد، على الأقل ليس بشكل موثوق، لذا يُعد الغاز خياراً طبيعياً لتلبية الطلب المستقبلي، لذلك لن يحل هذا الغاز محل مصادر الطاقة المتجددة الحالية، ويرجع ذلك أساساً إلى أن تكلفة الوقود للغاز الطبيعي مرتفعة عند تشغيله، بينما تكاليف تشغيل مصادر الطاقة المتجددة العاملة بالفعل منخفضة للغاية.

ويقول نائب الرئيس للطاقة المتجددة والطاقة بشركة «ريستاد إنيرجي» الاستشارية للطاقة، إن الطاقة المتجددة حالياً تُهيمن على توسيع القدرات الإنتاجية العالمية، ومن المتوقع أن تستمر في ذلك في السنوات القادمة أيضاً، حتى مع توقع نمو قوي وتركيز متجدد للغاز الطبيعي في العديد من البلدان والمناطق حول العالم، لذلك نحن نرى أن الغاز الطبيعي لا يزال أمامه سنوات عديدة لينمو على المستوى العالمي قبل أن يصل إلى ذروته، وأن الطلب على الغاز الطبيعي في قطاع الطاقة سيكون مرناً للغاية على المستوى العالمي.

وأضاف رونينجن أنه في حالة نمو الغاز الطبيعي على حساب مصادر الوقود الأحفوري الأكثر تلويثاً (مثل الفحم)، سيكون لتوسع الغاز الطبيعي تأثير مناخي إيجابي صافٍ، حيث كان هذا التأثير قوياً جداً في أميركا الشمالية على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، وقوياً جداً في أوروبا أيضاً، ومن المتوقع أن يكون قوياً جداً في آسيا، التي تعتمد حالياً بشكلٍ كبير على الفحم.

وحسب نائب الرئيس للطاقة المتجددة والطاقة بشركة «ريستاد إنيرجي» الاستشارية للطاقة، فمن ناحية أخرى، إذا كان استهلاك الغاز الطبيعي على حساب مصادر طاقة أنظف (الطاقة النووية، والطاقة الكهرومائية، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الحرارية الأرضية) والتي تتميز جميعها بكثافة انبعاثات مباشرة أقل، وكذلك كثافة انبعاثات مدى الحياة أقل من الغاز الطبيعي، فإن تأثير استهلاك الغاز الطبيعي سيكون له بالطبع تأثير سلبي على تغيّر المناخ.

ويتوقع رونينجن، أن الطلب العالمي على الغاز لتوليد الطاقة سيستمر في النمو بقوة، ولن يبلغ ذروته قبل أواخر ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين، وذلك بفضل مجموعة تتمثل في (التحول من الفحم إلى الغاز، والعوامل الاقتصادية البحتة، وزيادة الطلب العالمي على الطاقة، وخصائص المرونة الممتازة التي تتوافق تمامًا مع زيادة مصادر الطاقة المتجددة)، «زيادة الطلب على الغاز الطبيعي، مما يؤدي إلى زيادة إنتاجه، سيؤدي بلا شك إلى زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ولكن الأمر أكثر تعقيدًا من ذلك، وستكون زيادة الطلب على الغاز الطبيعي في قطاع الطاقة في بعض الحالات إيجابية صافية للمناخ، وفي حالات أخرى سلبية صافية».

ويقول نائب الرئيس للطاقة المتجددة والطاقة بشركة «ريستاد إنيرجي» الاستشارية للطاقة، «نعتقد أن نمو الغاز الطبيعي ضروري، وفي معظم الحالات سينمو لدعم المزيد من مصادر الطاقة المتجددة، وليس على حسابها، وبالتالي فإن التوسع في استخدام الغاز الطبيعي يمكن أن يكون إيجابياً صافياً في معظم الحالات، لذلك من المتوقع أن يشهد الغاز الطبيعي نمواً قوياً، ولكن في معظم الحالات، لن يكون ذلك على حساب مصادر الطاقة المتجددة، بل بالإضافة إليها، ونتوقع أن هذا سيستمر لعقد آخر على الأقل، وأن الغاز الطبيعي ضروري لاستبدال الفحم، وتلبية الطلب المتزايد، ودعم الطاقة المتقطعة بمرونة، وأنه في عام 2050 أيضاً، سيلعب الغاز الطبيعي دوراً مهماً في مزيج الطاقة العالمي، وإن كان دوراً أقل ومختلفاً تماماً مقارنة باليوم».