قالت «وكالة الطاقة الدولية» في تقريرها الشهري يوم الجمعة، إن التخفيضات الطوعية لإنتاج النفط التي أعلنتها الدول المنتجة في مجموعة أوبك+ هذا الشهر قد تزيد من عجز الإمدادات المتوقع في النصف الثاني من العام، وقد تضر بالمستهلكين وتعافي الاقتصاد العالمي.
وذكرت الوكالة في تقريرها الشهري عن النفط أن «المستهلكين الذين يواجهون تضخماً في أسعار المواد الأساسية سيضطرون الآن إلى ضغط ميزانياتهم بشكل أكبر».
وأضافت الوكالة «هذا ينعكس بشدة على الانتعاش الاقتصادي والنمو».
وأشارت إلى أن تخفيضات «أوبك+» للإنتاج ستؤدي إلى تخفيض إمدادات النفط العالمية بمقدار 400 ألف برميل يومياً بحلول نهاية العام.
وقالت الوكالة، تعليقاً على تخفيضات الإمدادات المفاجأة من قبل دول «أوبك+»، أن هذه «الخطوة الاحترازية» بحسب ما وصفتها مجموعة «أوبك»، قد تسببت على الفور في قفزة قدرها 7 دولارات للبرميل في سعر النفط الخام في بحر الشمال وصولاً إلى 85 دولاراً للبرميل، بارتفاع يقارب 15 دولاراً للبرميل من أدنى مستوياته في مارس آذار.
سلسال التخفيضات
وجاءت أحدث القيود الطوعية من مجموعة «أوبك+» والتي تبلغ 1.16 مليون برميل في اليوم، بالإضافة إلى التخفيض المعلن بمقدار 500 ألف برميل يومياً في الإنتاج الروسي بدءاً من مارس آذار، والذي تم تمديده الآن خلال بقية العام، فضلاً عن خفض الأهداف بمقدار 2 مليون برميل يومياً، والذي بدأ سريانه نوفمبر تشرين الثاني الماضي.
وفي حين تبدو الخطوة تحركاً لدعم الأسعار المنخفضة وسط الاضطراب المالي في منتصف مارس آذار، لكن الوكالة ذكرت أن ارتفاع مخزونات النفط العالمية ربما ساهم في القرار.
كما لفتت الوكالة إلى تراجع الطلب على النفط في الدول المتقدمة في الأشهر الأخيرة، وتباطئه بسبب الطقس الدافئ وتباطؤ النشاط الصناعي، لكن المكاسب القوية التي حققها اقتصاد الصين والدول الأخرى غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية شكّلت تعويضاً قوياً.
وفي الربع الأول من عام 2023، انخفض الطلب على النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 390 ألف برميل يومياً على أساس سنوي، لكن الانتعاش الصيني القوي رفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 810 آلاف برميل يومياً فوق مستويات العام السابق إلى 100.4 مليون برميل في اليوم.
كما توقع التقرير زيادة أقوى بكثير تبلغ 2.7 مليون برميل يومياً خلال نهاية العام، مدفوعة بالانتعاش المستمر في الصين والسفر الدولي.
العرض والطلب
وأورد التقرير توقعاته بارتفاع الطلب العالمي على النفط بمعدل 2 مليون برميل يومياً، ليصل إلى 101.9 مليون برميل يومياً، إذ تمثل الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 87 في المئة من النمو، وتشكل الصين وحدها أكثر من نصف الزيادة العالمية.
قد يكون تحقيق هذه المكاسب أمراً صعباً نتيجة التخفيضات الجديدة في «أوبك+» التي ستؤدي بدورها إلى خفض الإنتاج بمقدار 1.6 مليون برميل يومياً من مارس حتى نهاية العام، وهو ما يزيد على تعويض زيادة قدرها مليون برميل يومياً في الإنتاج من خارج أوبك+.
وقال التقرير «كانت أرصدة سوق النفط لدينا جاهزة بالفعل للتقلص في النصف الثاني من عام 2023، مع احتمال ظهور عجز كبير في العرض، لكن التخفيضات الأخيرة تهدد بتفاقم هذه الضغوط، ما يدفع أسعار النفط الخام والمنتجات إلى الزيادة».
وأضاف «المستهلكون المحاصرون حالياً من التضخم سيعانون أكثر من ارتفاع الأسعار، خصوصاً في الاقتصادات الناشئة والنامية».
مؤشرات عام 2023
ومن المتوقع أن يبلغ متوسط إنتاجية التكرير العالمية 82 مليون برميل يومياً هذا العام، أي أقل بمقدار 0.1 مليون برميل يومياً عن تقرير الشهر الماضي بسبب ضعف بيانات الربع الأول من عام 2023.
وستتضاعف المكاسب السنوية لتصل إلى 2.1 مليون برميل يومياً من الربع الأول من 2023 إلى الربع الثاني من العام نفسه.
وفي المتوسط، ستقترب تدفقات النفط الخام لعام 2023 من مستويات ما قبل انتشار فيروس كورونا، ولكنها تظل أقل من متوسط الإنتاج لعام 2019 بمقدار 0.3 مليون برميل يومياً.
روسيا ومخزونات النفط
وارتفعت صادرات النفط الروسية في مارس آذار إلى أعلى مستوياتها منذ أبريل نيسان 2020 بفضل ارتفاع تدفقات المنتجات التي عادت إلى مستوياتها المشهودة قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
كما حافظت المخزونات العالمية على استقرارها إلى حد كبير في فبراير شباط بعد ارتفاعها بمقدار 58 مليون برميل الشهر السابق.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت في بورصة ICE إلى أدنى مستوى لها في 15 شهراً عند 71 دولاراً للبرميل في منتصف مارس بسبب عدم استقرار الأسواق المالية، لكنها تعافت بعد ذلك مع تضاؤل الضغوط المصرفية وتزايد التوقعات بخفض سعر الفائدة الفيدرالي في وقت لاحق من هذا العام.