برزت تساؤلات عديدة بشأن صادرات النفط الإيرانية ومصيرها عقب تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل، وهو ما يسلط الضوء على كيفية تأثر قطاع النفط الإيراني بالتوترات مع الغرب.

تنتج إيران نحو ثلاثة ملايين برميل من النفط يومياً، أو نحو ثلاثة في المئة من إجمالي إنتاج النفط العالمي، فهي ثالث أكبر منتجي الخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، لذا فإن تصاعد التوترات في المنطقة يزيد القلق إزاء احتمالية تعطل الإمدادات الإيرانية وارتفاع أسعار النفط العالمية، وفي ما يلي بعض الحقائق عن قطاع النفط الإيراني.

العقوبات الغربية ضد إيران

تلقت إيران موجات متتالية من العقوبات الغربية التي استهدفت قطاعها النفطي، إذ سعت الولايات المتحدة للحد من صادرات النفط الإيرانية منذ أن قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في عام 2018 انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين قادة الغرب وإيران، وأعلن إعادة فرض العقوبات بهدف تقليص إيرادات إيران.

وخلال ولاية ترامب، تباطأت صادرات النفط الإيرانية إلى حد كبير، لكنها عادت للارتفاع خلال ولاية جو بايدن، ويقول محللون إن تطبيق العقوبات صار أقل صرامة، ونجحت إيران في التملص منها، وصارت الصين من المشترين الرئيسيين، وفقاً لمراقبي قطاع النفط.

ورغم أن إيران عضو في منظمة أوبك ومجموعة أوبك+ التي تضم حلفاء من بينهم روسيا، فإن إيران معفاة من قيود الإنتاج التي تبنتها أوبك+ والتخفيضات الطوعية للإنتاج بسبب العقوبات المفروضة عليها.

الاتفاق النووي وتأثيره

حققت صادرات النفط الإيرانية ذروتها في عام 2018 بفضل تخفيف العقوبات في أعقاب الاتفاق النووي لعام 2015، ووصلت صادرات النفط الخام والمكثفات الإيرانية إلى 2.8 مليون برميل يومياً في مايو أيار 2018، وهو أعلى مستوى منذ عام 2013 على الأقل وفقاً لكبلر.

وخلصت شركة كبلر إلى أنه في مايو أيار 2018، بلغت حصة النفط الخام من صادرات إيران 2.51 مليون برميل يومياً، وهي الحصة الأكبر منذ عام 2011 بحسب بيانات أوبك، عندما صدرت إيران 2.54 مليون برميل يومياً في المتوسط.

وسجلت إيران أعلى مستوى على الإطلاق لإنتاج النفط في السبعينيات، إذ بلغ الإنتاج ذروته عند 6.02 مليون برميل يومياً في 1974، وفقاً لبيانات أوبك، أي ما يمثل أكثر من عشرة في المئة من الإنتاج العالمي في ذلك الوقت.

النفط الإيراني بين بايدن وترامب

خلال ولاية ترامب، انسحبت الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق النووي في مايو أيار 2018، وأعادت فرض العقوبات، بهدف خفض مبيعات النفط الإيرانية إلى الصفر.

وتوقفت إيران عن تقديم بيانات عن صادراتها النفطية منذ ذلك الوقت، لكن التقييمات المستندة إلى تتبع الناقلات تظهر أنها انخفضت بشكل حاد في العامين المقبلين إلى أقل من 200 ألف برميل يومياً في بعض شهور عام 2020، وهو أدنى مستوى منذ عام 1980 على الأقل، بحسب بيانات أوبك.

ولكن في أواخر عام 2020، فاز جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأميركية، وفي الفترة من يناير كانون الثاني إلى مارس آذار 2021، زادت الصين وارداتها من النفط الإيراني إلى ما يقرب من 800 ألف برميل يومياً في يناير كانون الثاني ونحو مليون برميل يومياً في مارس آذار، قبل أن تنخفض مرة أخرى في أبريل نيسان من العام ذاته.

وفي عام 2021، بدأت إيران والولايات المتحدة محادثات غير مباشرة تهدف إلى عودة البلدين إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي، وارتفعت الصادرات الإيرانية خلال عام 2022، لتنهي العام أعلى مليون برميل يومياً.

وقال محللون إن ارتفاع الصادرات يبدو أنه يرجع جزئياً إلى نجاح إيران في التهرب من العقوبات الأميركية لسنوات، من خلال عمليات نقل النفط من سفينة إلى سفينة و«الخداع» أو «التلاعب» بنظم تحديد المواقع العالمية بحيث تظهر السفن في مواقع مختلفة، وأضافوا أن إيران تتطور في مثل هذه التكتيكات.

كما لفت المحللون إلى أن ارتفاع الصادرات يبدو أنه نتيجة للتحفظ الأميركي في تنفيذ العقوبات، ومع ذلك، ذكرت رويترز اليوم الثلاثاء أن متحدثاً باسم وزارة الخارجية قال إن إدارة بايدن لم ترفع أي عقوبات عن إيران وتواصل زيادة الضغط عليها.

الطلب الصيني يدعم إيران

رغم العقوبات التي يشهدها قطاع النفط الإيراني، يعتبر الطلب الصيني على النفط نقطة مضيئة بالنسبة لإيران، ما يعزز قدرتها على التعامل مع تداعيات التوترات مع الدول الغربية.

وقالت شركة كبلر لتحليلات النفط إن متوسط صادرات النفط الخام الإيرانية بلغ 1.61 مليون برميل يومياً في مارس آذار 2024، وهو أعلى مستوى منذ مايو أيار 2023 عندما بلغ 1.68 مليون برميل يومياً.

وأرجعت الشركة هذا الارتفاع إلى الطلب القوي من الصين عام 2023 والمستمر في 2024.

(رويترز).