أجمع عدد من المحللين على انحسار تأثيرات التوترات الجيوسياسية على أسعار النفط في منطقة الشرق الأوسط، وأن حركة الأسعار أصبحت مرتبطة بتوقعات الطلب، بالإضافة إلى قرار تحالف أوبك+ خلال الاجتماع المقبل في يونيو حزيران المقبل تجاه تمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية.

وارتفعت أسعار النفط في وقت مبكر من تعاملات اليوم الثلاثاء بعد أن قصفت إسرائيل مدينة رفح في غزة، بينما استمرت المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار مع حماس دون التوصل إلى حل.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 46 سنتاً بما يعادل 0.55 بالمئة، إلى 83.79 دولار للبرميل، في حين ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 46 سنتاً، أو 0.59 بالمئة، إلى 78.94 دولار للبرميل.

ووافقت حركة حماس، أمس الاثنين، على اقتراح لوقف إطلاق النار في غزة من وسطاء، لكن إسرائيل قالت إن الشروط لا تلبي مطالبها، ومضت قُدماً في ضربات في رفح، بينما تخطط لمواصلة المفاوضات بشأن التوصل إلى اتفاق.

وقصفت القوات الإسرائيلية مدينة رفح الواقعة على الطرف الجنوبي من قطاع غزة من الجو والأرض وأمرت السكان بمغادرة أجزاء من المدينة التي أصبحت ملجأ لأكثر من مليون فلسطيني نازح.

وقد أدّى عدم وجود تسوية بين الأطراف في الصراع المستمر منذ سبعة أشهر إلى دعم الأسعار، حيث يشعر المستثمرون بالقلق من أن التصعيد الإقليمي للحرب سيعطل إمدادات النفط الخام في الشرق الأوسط.

يقول شعيب بوطمين، خبير الطاقة والرئيس التنفيذي لشركة رانادريل، لـ«CNN الاقتصادية»، إن تراجع أسعار النفط عالمياً من 89 دولاراً للبرميل إلى 83 دولاراً للبرميل، «ليس مرتبطاً مباشرة بالتوصل إلى اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بل هناك عوامل أخرى كان لها تأثير بالغ الأهمية على السوق، تتمثل في ارتفاع مخزونات النفط الأميركية لأعلى مستوى لها منذ يونيو حزيران العام الماضي، حيث جاء الارتفاع في المخزون نتيجة الوفرة في المعروض ومعاودة ارتفاع الإنتاج الأميركي من النفط إلى 13.15 مليون برميل».

ويقول الباحث في الجغرافيا السياسية للطاقة فرانسيسكو ساسي، لـ«CNN الاقتصادية»، إن سوق النفط كان ضعيفاً للغاية خلال الأيام السبعة الماضية، «حيث يبدو أن الطلب لم يرتفع كما هو متوقع وفقاً لتوقعات أوبك، ما أدّى إلى انخفاض الأسعار، بالإضافة إلى أن تأثيرات التوترات الجيوسياسية كانت أقل».

ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية بداية الشهر الحالي، أن مخزونات النفط الخام والبنزين ارتفعت في الولايات المتحدة بينما انخفضت مخزونات نواتج التقطير.

وقالت الإدارة إن مخزونات الخام ارتفعت 7.3 مليون برميل إلى 460.9 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 26 أبريل نيسان.

ويضيف بوطمين، أن «التوترات الجيوسياسية صحيح تؤثّر على أسعار النفط، لكن الحالة الحرجة التي تمر بها أكبر اقتصادات العالم كانت بمثابة قوة لكبح ارتفاع أسعار النفط، فمثلاً منذ أغسطس آب 2022 هناك حرب في أوكرانيا والصراع المتواصل في الأراضي الفلسطينية، وتوترات باب المندب، والهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، إلّا أن أسعار النفط تتأرجح بين 75 و93 دولاراً كحد أقصى، هذا يعني أن الضغوط الجيوسياسية محدودة مقارنة بالوضع الاقتصادي العالمي».

ويضيف الباحث في الجغرافيا السياسية للطاقة، أنه «حال التوصل إلى اتفاق هدنة بين إسرائيل وحماس سيسهم في خفض علاوة المخاطر على أسعار النفط إلى درجة رؤية خام برنت أقل من 80 دولاراً للبرميل».

ويرى خبير الطاقة والرئيس التنفيذي لشركة رانادريل، أن ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة المقبلة يتوقف على قرار تحالف أوبك+ خلال الاجتماع المقبل تجاه سياسة إنتاج النفط المتّبعة أكثر من التوترات الجيوسياسية، «حيث إن بقاء تحالف أوبك+ على تخفيضات الإنتاج الطوعية سيعزز ارتفاع أسعار النفط، ولكنه لا يحمي الحصص السوقية للمنظمة».

في أبريل نيسان الماضي، أوصى اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة بمجموعة أوبك+ بإبقاء سياسة إنتاج النفط دون تغيير، على أن تواصل مراقبة التزام الدول الأعضاء بخطط التخفيضات الطوعية.

جاء هذا في أعقاب إعلان أوبك+ في مارس آذار، تمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً حتى نهاية الربع الثاني من عام 2024 لدعم السوق.

ومن المقرر أن تعقد اللجنة الوزارية المشتركة لمجموعة أوبك+ اجتماعها المقبل في الأول من يونيو حزيران 2024 لتحديد مصير تمديد خطط خفض الإنتاج.