تتجه جنوب إفريقيا نحو قطر لتكون المرشح الرئيسي لتزويدها بالغاز الطبيعي المسال في إطار سعيها لتأمين إمدادات جديدة من الغاز قبل أن تنخفض مصادرها الرئيسية بحلول عام 2027، وتعمل كل من شركة «إسكوم» القابضة و«ساسول» المحدودة على تأمين الغاز من مصادر بديلة قبل حدوث هذا التراجع المتوقع في الإمدادات.
وأوضح وزير الكهرباء والطاقة، كوسينتشو راموكغوبا، في مؤتمر صحفي في جوهانسبرغ، أن قطر تتصدر قائمة الموردين المحتملين للغاز الطبيعي المسال بفضل احتياطياتها الكبيرة من الغاز، كما أشار إلى أن قطر التي تخطط لزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال بنسبة تفوق 80% بحلول عام 2030، قد أبدت اهتمامها بالتعاون مع جنوب إفريقيا خلال محادثات مع الرئيس سيريل رامافوزا.
ويأتي هذا التعاون وسط سباق مع الزمن لتعويض الانخفاض المتوقع في إمدادات الغاز من الحقول في موزمبيق التي تديرها شركة «ساسول»، حيث يتم نقل الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى الشركات الجنوب إفريقية التي تدعم مئات الآلاف من الوظائف، ومن المتوقع أن توقف «ساسول» إمدادات الغاز للمستخدمين الآخرين في منتصف عام 2027، باستثناء عملياتها الخاصة، مع محاولات لتمديد هذه الفترة حتى عام 2028.
وفي خطوة للتعاون، وقَّعت «ساسول» للبتروكيماويات في جنوب إفريقيا وشركة «إسكوم» للكهرباء التابعة للدولة، اتفاقية للعمل معاً على تأمين إمدادات الغاز، وأكد الرئيس التنفيذي لشركة «إسكوم»، دان ماروكان، أن الوقت ليس في صالحهم؛ ما يدفعهم للتحرك السريع.
تواجه جنوب إفريقيا تحديات عديدة في شراء الغاز الطبيعي المسال بسبب تقلبات العملة المحلية التي قد تؤدي إلى تغييرات كبيرة في الأسعار، وأوضح راموكغوبا أن هناك أفكاراً حول كيفية تقليل هذه المخاطر عبر اتفاقيات بين الحكومات، معرباً عن تفاؤله بإيجاد حل مناسب.
ويعتمد توليد أكثر من 80% من الكهرباء في جنوب إفريقيا على الفحم، فيما تستخدم «ساسول» الوقود الأحفوري في عملياتها، وتسعى الشركتان لاستخدام الغاز كوسيلة للحد من الانبعاثات الكربونية، ومع ذلك، لا تزال تحديات الكهرباء حاضرة، خاصة مع تأجيل إسكوم إيقاف بعض محطات الفحم القديمة لتحقيق استقرار في الشبكة.
لقد عانت جنوب إفريقيا لسنوات من انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي أضرت بالاقتصاد وزادت من تكاليف الشركات، ورغم عدم حدوث انقطاعات منذ أكثر من خمسة أشهر، فإن «إسكوم» تتوقع الاستمرار في تجنب نقص الكهرباء خلال الأشهر المقبلة، بالتزامن مع تحسين العمليات التشغيلية للشركة.
الغاز الطبيعي في إفريقيا
قدرت احتياطيات الغاز في إفريقيا عام 2021 بنحو 625.6 تريليون قدم مكعبة، وهو ما يعادل تقريباً احتياطي الولايات المتحدة، وإذا تمكنت إفريقيا من تنمية مواردها الطبيعية بشكل صحيح، فسوف تكون قادرة على تعزيز مكانتها في سلسلة إمدادات الطاقة العالمية وتوفير الطاقة بأسعار معقولة، ليس فقط لشعبها، بل وللعالم أجمع، وهناك لمحات من هذا بالفعل.
وبحسب منتدى الدول المصدرة للغاز، من المتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة في إفريقيا بنسبة 82% بحلول عام 2050، وسيشكل الغاز الطبيعي 30% من مزيج الطاقة لديها.
احتياطيات الغاز الطبيعي في إفريقيا
تمتلك نيجيريا حالياً أكبر احتياطيات من الغاز بفارق كبير، إذ تبلغ 203 تريليونات قدم مكعبة، وهو ما يمثل 33% من تقديرات إجمالي احتياطيات الغاز في إفريقيا لعام 2021، ولكن مع توقيع الجزائر اتفاقيات جديدة لاستكشاف الغاز مع شيفرون وإكسون وتوتال إنرجيز، فقد تلحق قريباً بنيجيريا.
وتتصدر الجزائر ونيجيريا ومصر قائمة الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال، حيث تتمتع بأعلى قدرة تصديرية في القارة، وتبلغ القدرة التصديرية للجزائر 29.3 مليون طن سنوياً، ونيجيريا 22.2 مليون طن سنوياً، ومصر 12.2 مليون طن سنوياً.
وبحسب تقرير صادر عن غرفة الطاقة الإفريقية «من المتوقع أن تسيطر الجزائر ومصر ونيجيريا على غالبية إمدادات الغاز الطبيعي بمتوسط 80% من إجمالي الغاز الإفريقي القادم من هذه الدول الثلاث».