بعد جدل دام لسنوات بين لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية من جهة، وشركات
العملات المشفرة من جهة أخرى، نتج عنها عشرات الدعاوى على شركات الكريبتو والأشخاص المؤثرين في الصناعة، أبرزها ضد «بينانس» ومؤسسها تشانبينغ تشاو، ومنصة «كوين بيس»، إضافة إلى الدعوى المستمرة ضد شركة «ريبل»، فيما
تراجع اللجنة اليوم ما إذا كان ينبغي تصنيف بعض العملات المشفرة كأوراق مالية وتنظر في الإعفاء بأثر رجعي للقضايا التي تمت إثارتها سابقاً.إعفاء مؤقت ينتظر دعاوى الكريبتو بأميركا
ربما يكون أحد أشهر مقاطع الفيديو للرئيس ترامب، هو ذلك الذي خرج به من مؤتمر «بيتكوين كونفيرينس» قبيل انتخابه، والذي أكد فيه أن إقالة الرئيس السابق للجنة الأوراق المالية غاري جينسلر، سيكون من أولى تدابيره التي سيتخذها في حال فوزه، وهذا ما جرى الفعل.
وفي الخطاب نفسه الذي أطل فيه ترامب من المؤتمر، كان العنوان الأكبر لخطابه أمام آلاف المتداولين بالعملات المشفرة، أنه سيجعل أميركا مركزاً أساسياً للعملات المشفرة وتبنيها.
بعد ذلك، وضع بول آتكينز على رأس
لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، وهو شخص معروف بمناصرته لصناعة التشفير، إذ إن التشريعات المتعلقة بالعملات المشفرة في أميركا، كانت بلا أي شك، العقبة الأساسية في توسيع التبني العالمي لهذه الأصول التي تعتبر عالية المخاطر.
وفي مدونة تم نشرها على موقع لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية الثلاثاء، قالت المفوضة هيستر بيرس، التي عينها حديثاً الرئيس ترامب، إن فريق العمل الذي أنشأه البيت الأبيض حديثاً لصك تشريعات بخصوص العملات المشفرة، يدفع من أجل «الإعفاء المؤقت في ظل ظروف محددة»، بما في ذلك الإفصاحات المحدثة والاتفاقيات بعدم الطعن في اختصاص لجنة الأوراق المالية والبورصات في قضايا الاحتيال.
وأضافت أن فريق العمل يقوم بتقييم أنواع مختلفة من الأصول الرقمية لتحديد وضعها القانوني، وهي الخطوة التي قالت بيرس إنها «ضرورية لحل الأسئلة التنظيمية الأوسع».
من حق الأميركيين شراء بالعملات المشفرة
جاء في المدونة أيضاً، التي حملت توقيع بيرس أنه إذا أراد الناس شراء رمز أو منتج يفتقر إلى اقتراح قيمة واضح على المدى الطويل «فيجب أن يشعروا بالحرية، ولكن لا ينبغي أن يُفاجؤوا إذا انخفض السعر يوماً ما».
وأضافت «في هذا البلد يتمتع الناس عموماً بالحق في اتخاذ القرارات بأنفسهم، ولكن المقابل لهذه الحرية الأميركية الرائعة هو التوقع الأميركي الرائع بالقدر نفسه بأن الناس يجب أن يقرروا بأنفسهم، وليس التطلع إلى الحكومة الأم لإخبارهم بما يجب عليهم فعله أو عدم فعله، ولا إنقاذهم عندما يفعلون شيئاً ينتهي بشكل سيئ».
كما لفتت بيرس إلى أن فريق العمل، يعمل مع الموظفين في مختلف أقسام السياسة في اللجنة وبالتعاون مع مختلف أنحاء الحكومة الفيدرالية، ومع الهيئات التنظيمية للأوراق المالية في الولايات، ومع نظراء دوليين لبحث الخطوات المؤقتة التي قد تساعد في تعزيز الابتكار بصناعة التشفير، لافتة إلى أن الإنجاز الأبرز كان إلغاء النشرة المحاسبية للموظفين رقم 121.
تجدر الإشارة إلى أن لجنة الأوراق المالية والبورصات تعرضت خلال السنوات السابقة لانتقادات قاسية بسبب الافتقار إلى الوضوح في نهجها تجاه تنظيم العملات المشفرة، وخاصة في عهد الرئيس السابق غاري جينسلر.
تمرير تشريعات للكريبتو أولوية للكونغرس
اليوم، يطالب المشرعون بالإصلاحات، وقد ذكر النائب الجمهوري توم إيمر مؤخراً أن تمرير تشريعات العملات المستقرة وهيكل السوق «يمثل أولوية قصوى للكونغرس».
من جهتها، تراقب المؤسسات المالية التقليدية التطورات التنظيمية عن كثب خصوصاً بعد اقتراح الرئيس التنفيذي لبنك أوف أميركا براين موينيهان أن البنوك مستعدة لدخول سوق العملات المشفرة بمجرد أن تصبح الإرشادات التنظيمية أكثر وضوحاً، وأنه إذا اكتسبت معاملات العملات المشفرة تبنياً واسعاً فإن القطاع المصرفي سيتحرك بقوة لتسهيلها.
في الخلاصة، من المرجح أن تشهد صناعة التشفير الأميركية تغييرات جذرية في المشهد التنظيمي الخاص بها، وهذا أيضاً ما أكدته بيرس في مدونتها، مشيرة إلى أن الإقراض والإيداع بالعملات المشفرة هو قيد الدرس لكن الأمر يحتاج إلى توضيح ما إذا كانت برامج الإقراض هذه مشمولة بقوانين الأوراق المالية، والأهم، هو أن فريق العمل أيضاً يخطط للعمل على تقاطع قواعد التشفير ووكالات المقاصة ووكلاء النقل للبحث في استخدام تقنية البلوك تشين لتحديث الأسواق المالية التقليدية.