انخفضت العقود الآجلة لسندات الخزانة الأميركية بوتيرة قياسية خلال الأسبوع الماضي، ما أثار تساؤلات حول استقرار أحد أهم الأسواق المالية في العالم، خاصة مع تصاعد المخاوف بشأن تأثير السياسات التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب على الاقتصاد. وأظهرت بيانات لجنة تداول السلع الآجلة أن الفائدة المفتوحة، التي تقيس تعرض المستثمرين لعقود السندات الأميركية الآجلة، تراجعت بوتيرة غير مسبوقة، وفي الأسبوع المنتهي في 4 مارس آذار 2025 هبطت الفائدة المفتوحة لعقود السندات لأجل عامين بمقدار 396.52 ألف عقد، ما يعادل نحو 80 مليار دولار، وهو أكبر انخفاض أسبوعي مسجل، ويمثل نحو عشرة في المئة من إجمالي تعرض المستثمرين.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
كما انخفضت الفائدة المفتوحة لعقود السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 503.74 ألف عقد، أي ما يعادل 50 مليار دولار، وهو ثالث أكبر انخفاض أسبوعي على الإطلاق.
وانخفضت القيمة الإجمالية للفائدة المفتوحة عبر عقود السندات لأجل عامين وخمسة وعشرة أعوام بمقدار 179 مليار دولار في أسبوع واحد لتصل إلى 1.858 تريليون دولار، وهو أدنى مستوى منذ يونيو حزيران 2024، مسجلة تراجعاً بنسبة تسعة في المئة في أسبوع واحد فقط.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
لماذا هذا مهم؟
وفقاً لدراسة حديثة أجراها باحثون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، فإن عمق السوق النقدي يؤثر بشكل كبير على سيولة جميع آجال سوق الخزانة، وبمعنى آخر فإن التراجع الحاد في الفائدة المفتوحة قد يجعل هذا السوق العالمي الحيوي أكثر عرضة للاضطراب.
ومع ذلك، يُعزى جزء من هذا التراجع إلى عوامل موسمية، إذ تحوِّل الصناديق مراكزها إلى العقود المعيارية الجديدة، بينما يرتبط جزء آخر بما يُعرف بتجارة الفروق السعرية، وفيها تستفيد
صناديق التحوط من الفروقات الضئيلة بين السندات النقدية والعقود الآجلة.
ورغم أن هذه التحركات تعتبر طبيعية إلى حد ما فإن حدتها تتزامن مع فترة من التقلبات المتزايدة في الأسواق المالية، بعدما خسرت وول ستريت وشركات التكنولوجيا الكبرى نحو 5 تريليونات دولار خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بينما ارتفع مؤشر التقلب الضمني (MOVE) إلى أعلى مستوياته في أربعة أشهر.
وقال جينادي جولدبيرغ، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية في «تي دي سيكوريتيز»، «قد تبقي حالة عدم اليقين بعض المستثمرين في حالة حذر، وإذا لم تعاود الفائدة المفتوحة الارتفاع، فقد يشير ذلك إلى أن مديري المخاطر يواصلون تقليص مراكزهم، وهو أمر يستحق المتابعة عن كثب».
في الوقت ذاته، أظهرت البيانات أن صناديق التحوط خفضت مراكزها «القصيرة» بوتيرة أسرع من تقليص مديري الأصول مراكزهم «الطويلة»، ما أدى إلى تراجع قيمة المراكز القصيرة المجمعة إلى 970 مليار دولار، أي أقل بواقع 20 في المئة من المستوى القياسي البالغ 1.186 تريليون دولار في نوفمبر تشرين الثاني 2024.
ورغم أن هذا التراجع قد يريح الجهات التنظيمية، التي حذرت من مخاطر تفكيك الصفقات بشكل غير منظم، فإن أي انخفاض إضافي في الفائدة المفتوحة خلال فترة تقلب الأسواق قد يؤثر سلباً على السيولة والأسعار، ما يزيد صعوبة التداول.
ومع استمرار التوترات، يبقى من الضروري مراقبة أي تطورات تؤثر على سيولة هذا السوق العالمي المحوري.
(رويترز).