لم يسبق أن شهدت الأسواق المالية هذا المستوى من التخلي عن الأسهم الأميركية كما حدث في مارس آذار الجاري، إذ أظهر استطلاع حديث لبنك أوف أميركا أن المستثمرين سجلوا أكبر انخفاض في مخصصاتهم للأسهم الأميركية في التاريخ، وسط مخاوف متزايدة من الركود التضخمي والحروب التجارية وتراجع «الاستثنائية الأميركية» في الأسواق العالمية.
وبحسب الاستطلاع، الذي شمل 171 مستثمراً بإجمالي أصول مدارة تبلغ 426 مليار دولار، ارتفعت مخصصات السيولة إلى 4.1 في المئة مقارنة بـ3.5 في المئة الشهر السابق، ما أنهى إشارة «البيع» التي ظهرت في ديسمبر كانون الأول الماضي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وفقاً للبنك، تعكس عادةً نهايةُ التصحيحات الحادة في أسواق الأسهم سرعةَ تدهور المعنويات الاستثمارية، ما يثير التساؤلات حول ما إذا كان السوق قد وصل إلى القاع أم لا.
في الوقت نفسه، رغم التشاؤم السائد حول النمو العالمي، الذي سجل ثاني أكبر تراجع في التوقعات على الإطلاق، فإن الأسهم الأوروبية كانت الرابح الأكبر، إذ وصلت مخصصات المستثمرين لها إلى أعلى مستوى منذ يوليو تموز 2021، مع تفضيل ملحوظ لقطاع البنوك الذي أصبح الوجهة الاستثمارية الأكثر شعبية عالمياً.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
يأتي هذا التحول في وقت يواصل فيه الاقتصاد الأميركي مواجهة ضغوط متزايدة، من بينها تباطؤ في النمو وارتفاع في تكاليف الاقتراض، ما يدفع المستثمرين للبحث عن بدائل خارج الأسواق الأميركية.
ومع تصاعد التوترات التجارية والتحديات الجيوسياسية، تتجه الأنظار إلى مدى قدرة الأسواق الأوروبية والأسيوية على استقطاب المزيد من التدفقات الاستثمارية خلال الأشهر المقبلة.
ومن الناحية الأخرى، تحوّلت معنويات المستثمرين تجاه الأسهم الأميركية في وقت تحقق فيه الأسواق الآسيوية، وخاصة
هونغ كونغ، انتعاشاً ملحوظاً؛ فقد قفز مؤشر هانغ سينغ إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات، مدعوماً بتفاؤل بتعافي الاقتصاد الصيني، وبدعم من خطط تحفيزية لتعزيز الاستهلاك.
هذا التفاؤل دفع المستثمرين نحو الأسواق الآسيوية، في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن أداء الاقتصاد الأميركي، ما يعكس تحولاً في شهية المخاطرة على مستوى العالم.
تتجه أنظار المستثمرين إلى اجتماع الفيدرالي الأميركي غداً، إذ يترقبون أي مؤشرات حول توجهات السياسة النقدية بعد صدور بيانات النمو والتضخم الأخيرة.
في الوقت نفسه، يترقب العالم نتائج محادثة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، والتي قد تؤثر على مسار الحرب في أوكرانيا.
هذه التطورات انعكست بالفعل على أسعار الغاز في أوروبا وأسهمت في دعم اليورو مؤخراً.