وانخفضت الأسواق العالمية أيضاً يوم الاثنين قبيل تنفيذ ما أطلق عليه ترامب «يوم التحرير» يوم الأربعاء، حيث من المتوقع أن تدخل تعريفات جمركية متبادلة حيز التنفيذ. ويتوقع الاقتصاديون أن تؤدي هذه التعريفات إلى ارتفاع التضخم وإبطاء النمو الاقتصادي.
عدم اليقين يثقل كاهل وول ستريت
لا يزال التأثير الكامل لتعريفات ترامب غير واضح، وهو ما يزيد من الضغوط على وول ستريت؛ فقد خفض محللو بنك غولدمان ساكس يوم الأحد توقعاتهم لنهاية العام لمؤشر S&P 500 من 6200 إلى 5900 نقطة، وذلك بعد أن خفضوا توقعاتهم في وقت سابق من الشهر من 6500 إلى 6200 نقطة، كما قام محللو بنك باركليز الأسبوع الماضي بتخفيض توقعاتهم للمؤشر من 6600 إلى 5900 نقطة، وسط تصاعد المخاوف بشأن تأثير التعريفات على الاقتصاد الأميركي.
ويرى بنك غولدمان ساكس أن الاقتصاد الأميركي يواجه خطر الركود المتزايد، حيث يمكن أن تؤدي التعريفات إلى إبطاء النمو وزيادة البطالة وتعزيز التضخم.. وقد رفع البنك احتمالية حدوث ركود خلال الاثني عشر شهراً القادمة إلى 35%، مقارنة بتوقعات سابقة عند 20%.
التعريفات الجمركية تُغرق الأسواق
دخلت الأسهم الأميركية هذا العام عند مستويات قياسية، وكان بعض المحللين يتساءلون عن مدى استمرار هذا الاتجاه الصاعد.. وكان يُتوقع أن تشهد الأسواق انتعاشاً بدعم من سياسات ترامب الاقتصادية المؤيدة للأعمال.
لكن التزام ترامب بجدول أعمال اقتصادي يركز على التعريفات الجمركية أثار استياء بعض المستثمرين.. وعلى عكس فترته الرئاسية الأولى، لم يمنح ترامب الأسواق الاهتمام ذاته، ما دفع المستثمرين لمواجهة تحديات إضافية مثل الجدل الدائر حول فقاعة الذكاء الاصطناعي. ونتيجة لذلك، انخفض مؤشر ناسداك بنسبة 12% هذا العام، ما يجعله في طريقه لتسجيل أسوأ أداء ربع سنوي منذ يونيو 2022، وأسوأ بداية عام منذ 2020.
الملاذات الآمنة تكتسب زخماً
في المقابل، شهد الذهب ارتفاعاً ملحوظاً هذا العام، حيث تجاوزت عقود الذهب الآجلة الأكثر تداولاً في نيويورك مستوى قياسياً بلغ 3150 دولاراً للأونصة يوم الاثنين.. ويُنظر إلى الذهب على أنه ملاذ آمن في أوقات الاضطرابات الاقتصادية وكوسيلة للتحوط ضد التضخم.
مع اقتراب يوم الأربعاء، لا يزال المستثمرون غير متأكدين من مدى تأثير التعريفات الجمركية، فيما تستعد الشركات والمستهلكون لمواجهة التداعيات.
وصرح ترامب يوم السبت لشبكة NBC News بأنه «لا يبالي» إذا قام صانعو السيارات برفع الأسعار بسبب التعريفات.
وقال محللو بنك مورغان ستانلي في مذكرة يوم الاثنين: «تؤكد الإدارة أن الهدف من التعريفات هو إقامة علاقات تجارية أكثر إنصافاً، مع اعتماد مبدأ المعاملة بالمثل، لكن لا تزال التفاصيل غير واضحة بشأن هذه السياسة».
وأضافوا: «هذا الأمر لا يبعث على الطمأنينة لدى المستثمرين الذين نتحدث معهم، والذين يشعرون بالحيرة إزاء إعلانات التعريفات والمفاوضات والتأخيرات والمستويات المتغيرة للتنفيذ في ما يتعلق بالمكسيك وكندا والصين وبعض المنتجات الرئيسية».
تداعيات عالمية
تسببت تعريفات ترامب في اضطراب الأسواق العالمية، حيث تراجع مؤشر نيكاي 225 الياباني بنسبة 4% يوم الاثنين ودخل منطقة التصحيح، منخفضاً بنسبة 10% خلال الربع الأول، كما انخفض المؤشر الرئيسي لبورصة تايوان بأكثر من 4%، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 10% خلال الربع ذاته.
وفي أوروبا، تراجع مؤشر STOXX 600 بنسبة 1.4%، كما انخفض مؤشر داكس الألماني بالنسبة نفسها.
في غضون ذلك، ارتفع مؤشر التقلبات Cboe، المعروف بـ«مقياس الخوف» في وول ستريت، بنسبة 9% يوم الاثنين، ما يعكس حالة القلق السائدة في الأسواق.. ووفقاً لمؤشر «الخوف والطمع» التابع لـCNN، فإن «الخوف الشديد» هو الذي كان يقود الأسواق في بداية الأسبوع.
وصرّح موهيت كومار، كبير الاقتصاديين والاستراتيجيين في بنك جيفريز، قائلاً: «الأمر كله يتعلق بعدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية ومدى الإجراءات الانتقامية التي سيتم الإعلان عنها».
مع استمرار الغموض، يبدو أن الأسواق ستبقى تحت ضغط التقلبات في الفترة المقبلة، في ظل ترقب المستثمرين للمزيد من التفاصيل حول سياسات ترامب الاقتصادية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.