ظنت الأسواق أنها تواجه أزمة ديون خطيرة، لكنها باتت الآن أمام مشكلة جديدة: عودة شبح الحرب التجارية.
شهدت الأسهم الأمريكية تراجعاً حاداً يوم الجمعة بعدما أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحرب التجارية إلى الواجهة بتهديدات بفرض رسوم جمركية ضخمة على شركة أبل، أغلى شركة أميركية من حيث القيمة السوقية، وعلى أحد أبرز شركاء واشنطن التجاريين.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
ففي منشور على منصة «تروث سوشيال»، صباح الجمعة، توعد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على شركة أبل إذا لم تقم بتصنيع هواتف آيفون داخل الولايات المتحدة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وبعد دقائق فقط، أعلن نيته التوصية بفرض رسوم بنسبة 50% على الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي.
رد فعل الأسواق
افتتح مؤشر داو جونز تعاملات اليوم منخفضاً بنحو 480 نقطة، أي بنسبة 1.15%، كما تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 1.2%، وهبط مؤشر ناسداك المركب، الذي يركز على شركات التكنولوجيا، بنسبة 1.58%.
مؤشر التقلبات VIX، المعروف بمقياس الخوف في وول ستريت، قفز بنسبة 23%.
أما مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس قوة العملة أمام ست عملات رئيسية، فقد تراجع بنسبة 0.6%.. في المقابل ارتفع سعر الذهب بنسبة 1.7% باعتباره ملاذاً آمناً وقت الأزمات.
قلق متجدد بشأن الحرب التجارية
كانت الأسواق قد بدأت بالابتعاد مؤخراً عن التركيز على الرسوم الجمركية، وانشغلت أكثر بخطة ترامب الضريبية المثيرة للجدل، خاصة بعد أن اتفقت الولايات المتحدة والصين في مايو على تخفيض الرسوم الجمركية بشكل كبير، ما خفف من مخاوف المستثمرين.
لكن تهديدات ترامب الجديدة بفرض رسوم على الاتحاد الأوروبي أعادت التوتر مجدداً، حيث قال ديفيد دويل، رئيس قسم الاقتصاد في «ماكواري»، في مذكرة حديثة، إن الحرب التجارية لم تنتهِ بعد، والرسوم الجمركية لا تزال تمثل «عقبة كبيرة» أمام الاقتصاد الأمريكي.
وكان مؤشر S&P 500 قد تراجع في بداية أبريل عندما أعلن ترامب عن رسوم «انتقامية» ضخمة، لكنه سرعان ما تعافى بعد أن أعلن الرئيس لاحقاً عن تعليق مؤقت لمدة 90 يوماً لمعظم تلك الرسوم.
ومع اقتراب انتهاء هذه المهلة في يوليو، يزداد توتر المستثمرين بشأن ما قد يحدث بعد ذلك.
وحتى الآن، لم تبرم الولايات المتحدة خلال هذه المهلة سوى اتفاق تجاري مع المملكة المتحدة.
أبل في مرمى النيران
تراجعت أسهم شركة آبل (AAPL) بنسبة تقارب 3% يوم الجمعة بعد تهديد ترامب، وبلغ إجمالي خسائرها هذا العام نحو 20%، في ظل تصاعد الحرب التجارية التي أضرت بالشركة.
ضغط إضافي من سوق السندات
تأتي هذه التوترات في وقت تعاني فيه الأسواق أصلاً من ضغوط ناجمة عن سوق السندات؛ فقد أثارت خطة ترامب الضريبية قلق المستثمرين، كما أدى ضعف الطلب على السندات الحكومية الأمريكية إلى ارتفاع العائدات.
وقال كريس والر، عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، في تصريح لقناة «فوكس بيزنس»، إن الأسواق «تبحث عن قدر أكبر من الانضباط المالي، وهناك قلق عام».
وأضاف: «يبدو أن هناك حالة من العزوف عن الأصول الأميركية، وليس فقط السندات الحكومية، بل كل الأصول».
وقد انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى ما دون 4.5% يوم الجمعة، مع اندفاع المستثمرين لشراء السندات وسط تصاعد حالة عدم اليقين التجاري.
تداعيات عالمية
امتدت تأثيرات التهديدات الجمركية إلى الأسواق الأوروبية، إذ هبط مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.6%، كما تراجع مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 2.1%، وهبط مؤشر «كاك» الفرنسي بنسبة 2.6%.
ويأتي هذا في وقت يعاني فيه مؤشر S&P 500 من سلسلة خسائر استمرت لثلاثة أيام، وسط توقف الانتعاش الأخير في الأسواق الأميركية، إذ لا يزال المؤشر منخفضاً بشكل طفيف منذ بداية العام.