في أول تعليق رسمي من داخل الفيدرالي الأميركي على اضطرابات الأسواق الأخيرة، أكدت عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، ليزا كوك، أن التقلبات التي شهدتها الأسواق في أبريل نيسان الماضي إثر إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رسوم جمركية مفاجئة، لم تصل إلى مستوى «الخلل الهيكلي» كما حدث خلال أزمة كوفيد-19، لكنها كانت درساً عملياً مهماً لتحسين أدوات تقييم الاستقرار المالي. جاءت تصريحات كوك خلال مؤتمر «النساء في الاقتصاد الكلي» في نيويورك، إذ شددت على أن أسواق سندات الخزانة الأميركية رغم تراجع السيولة، واصلت العمل بشكل «منظم»، كما لم تتعرض أسواق الدين الخاص لضغوط مفرطة، حتى مع اندفاع المستثمرين نحو بيع السندات الحكومية بشكل واسع.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وقالت كوك إن ما حدث كان نموذجاً واقعياً على كيف يمكن لتقييمات الأصول المرتفعة أن تتحول إلى مصدر تقلب حاد عند حدوث صدمة مفاجئة، مشيرةً إلى أهمية وجود قنوات تمويل مرنة ومستقرة تمتص تلك الصدمات وتقلل من تأثيرها.
وفي ما يخص الأثر الفعلي على الاقتصاد الحقيقي، أشارت كوك إلى أن الشركات والمستثمرين أبدوا مخاوفهم خلال مكالمات الأرباح واللقاءات مع الفيدرالي من احتمالات تباطؤ النمو وارتفاع التضخم، وهو ما أدى إلى حالة من القلق في الأسواق، قبل أن تبدأ تلك المخاوف بالتراجع منذ منتصف أبريل نيسان.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
لكن الصورة ليست وردية تماماً، فرغم تأكيدها على أن أوضاع الأسر والشركات «في مجملها قوية»، فإن كوك حذّرت من أن الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط لا تزال تحت ضغط مالي، وقد تؤدي أي صدمة دخل مفاجئة إلى ارتفاع معدلات التعثر على الديون الشخصية، ما ينعكس سلباً على المقرضين ويهدد دورة الائتمان.
أما على صعيد العقارات، فأشارت كوك إلى تباطؤ نمو أسعار المنازل بعد الارتفاع الحاد الذي أعقب الجائحة، لكنها أبدت قلقاً خاصاً تجاه سوق العقارات التجارية، حيث ستحتاج شريحة كبيرة من القروض إلى إعادة تمويل في ظل أسعار فائدة مرتفعة، ما قد يضعف قدرة بعض الجهات على السداد.
تؤكد تصريحات كوك أن الاستقرار المالي لم يعد مرهوناً فقط بالسياسات النقدية، بل بات مرتبطاً بقدرة الأسواق على الصمود أمام الصدمات السياسية والمالية المفاجئة.
وبينما تسير المؤسسات الكبرى بثبات، يظل الخطر الحقيقي كامناً في هشاشة القاعدة.. الأسر الصغيرة والأسواق العقارية الممولة بديون مرتفعة التكلفة، إنها رسالة مزدوجة: الأسواق أقوى مما نظن، لكن المجتمع أكثر هشاشة مما نعتقد.