ترامب يتحدّى الأسواق.. والجميع غاضبون

الأسواق تنهار بسبب رسوم ترامب الجمركية
ترامب يتحدّى الأسواق.. والجميع غاضبون
الأسواق تنهار بسبب رسوم ترامب الجمركية

يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة من الانتقادات الحادة عقب إعلانه فرض رسوم جمركية واسعة النطاق، حيث جاءت ردود الفعل سلبية من جميع الجهات: انهيار في الأسواق المالية، ردود انتقامية من دول أجنبية، غضب من الشركات الكبرى، وحتى تشكيك من رئيس الاحتياطي الفيدرالي وبعض حلفائه في الكونغرس، ورغم ذلك فلا يزال الرئيس متشبثاً بموقفه في مواجهة الاضطرابات العالمية.

رسائل متضاربة وصمت رسمي

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

بعد يوم ونصف اليوم من الرسائل المتضاربة حول ما إذا كانت الرسوم تمثل بداية تفاوض أو تغيير دائم في سياسة الاقتصاد الأميركي، لم يقدم ترامب يوم الجمعة أي توضيح يُذكر، لم يخرج لتسويق خطته من أرض مصنع أميركي أو للحديث عن فوائد الرسوم على مجتمع أو شركة ما، بل بدأ يومه من ملعب الغولف في فلوريدا.

تزامن ذلك مع تراجع حاد في الأسواق المالية، حيث تهاوت الأسهم الأميركية لليوم الثاني على التوالي بعد إعلان الصين فرض رسوم انتقامية بنسبة 34% على السلع الأميركية، في تطور يعكس مدى محدودية سيطرة ترامب على تداعيات قراراته، رغم محاولات فريقه الاقتصادي تنفيذ واحدة من أكثر السياسات الجمركية تعقيداً في التاريخ الحديث، وأغلق مؤشر داو جونز على انخفاض تجاوز 10% عن أعلى مستوى له في ديسمبر.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

البيت الأبيض: ترامب يراقب عن كثب

قال مسؤول في البيت الأبيض إن الرئيس كان يولي اهتماماً كاملاً بالملف الجمركي، موضحاً أنه واصل التواصل مع قادة دول أخرى خلال يوم الجمعة، ونفى المسؤول أن يكون ترامب منزعجاً من انهيار الأسواق، مؤكداً أن الرئيس طالما حذّر من «ألم مؤقت» نتيجة لسياسات «أميركا أولاً».

ورغم حديث ترامب يوم الخميس عن استعداد دول للتفاوض، غيّر نبرته يوم الجمعة، حيث كتب على وسائل التواصل الاجتماعي: «سياساتي لن تتغير أبداً، إنه الوقت المثالي للثراء أكثر من أي وقت مضى!!!».

ردود فعل مرتبكة من الداخل والخارج

فيما كان كبار المسؤولين الاقتصاديين يسعون لإيصال رسالة موحدة بأن الرسوم الجديدة ستُنفذ بدءاً من 9 أبريل، كانت تصريحات ترامب ورسائله العامة تعكس حالة من الغموض، وقد نُشرت نقاط حوار في الكونغرس تطالب بالوضوح والوحدة، لكن الأسواق لم تجد طمأنينة.

وبينما فضّل ترامب عدم الظهور علناً يوم الجمعة، ازدادت حدة القلق لدى مستشاريه من رد الفعل العالمي الموحد ضد القرار.

قال أحد مستشاريه: «الرئيس لا يسترشد بالسوق، لكنه يراقبه كالجميع».

ووفقاً لمصدر آخر تحدث مع ترامب، بدا الرئيس واثقاً بأن الرسوم تمثل جزءاً من سياسة اقتصادية أشمل، رغم مؤشرات على اقترابه من الحد الأقصى لتحمّل تراجع السوق.

هل هناك مجال للتفاوض؟

في الوقت الذي أعلنت فيه دول مثل كندا والصين عن نواياها للرد، دعا ترامب الدول المتأثرة إلى «التفاوض لا الذعر»، وفي منشور لاحق اتهم الصين بـ«الهلع»، مشيراً إلى أن ردها الانتقامي كشف عن ضعفها.

ورغم تمسك مستشاريه مثل بيتر نافارو ونائب الرئيس جي دي فانس بأن الرسوم تمثل «إعادة ضبط دائمة» للتجارة العالمية، أكد مقربون آخرون من ترامب ميوله لعقد الصفقات، مثلما أشار ابنه إريك قائلاً: «الدولة التي تتفاوض أولاً ستربح، والأخيرة ستخسر».

وفي هذا السياق، يخوض ترامب مفاوضات نشطة مع فيتنام والهند وإسرائيل لعقد اتفاقات تجارية ثنائية قد توفر مخرجاً قبل موعد تنفيذ الرسوم.

ضغوط على الاحتياطي الفيدرالي وغضب من الشركات

استمر ترامب يوم الجمعة في مهاجمة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، مطالباً إياه بخفض أسعار الفائدة: «دائماً متأخر، لكن لا يزال بإمكانه تغيير صورته الآن».

أما باول، فأعرب عن قلقه من الرسوم الجمركية، محذراً من «ارتفاع محتمل ومستدام للتضخم»، ومخاطر تؤدي إلى بطالة أعلى.

من جانبها، أبدت الشركات الأميركية استياءها الشديد، وتحدث العديد من الرؤساء التنفيذيين عن نيتهم مقاضاة الإدارة الأميركية، مشككين في قانونية إعلان ترامب «حالة الطوارئ الوطنية» لتبرير الرسوم.

وبينما تخشى الشركات من انتقادات علنية من ترامب، أكد أحد التنفيذيين أن المقترح الجمركي سيؤدي فقط إلى رفع الأسعار دون تأثير على مواقع المصانع، لكن الرد من أحد مسؤولي الإدارة كان قاسياً: «سنضاعف الرسوم حتى تنقلوا مصانعكم».

خلافات داخل الإدارة وأزمة في الرسائل

رغم اعتراضات داخلية، خاصة من وزير الخزانة سكوت بيسنت، أصر ترامب على تنفيذ خطته دون تعديلات، وخلال عشاء ضم وزراء خزانة سابقين في واشنطن، تحوّلت الرسوم إلى الموضوع الرئيسي، فيما وصف أحد المشاركين المناسبة بـ«يوم التحرير».

وقال أحد التنفيذيين: «لقد كان في عهد ترامب الأول حين بدأت الشركات مغادرة الصين إلى فيتنام، والآن يعاقب فيتنام أيضاً».

ضرائب بدلاً من الرسوم؟

بعض الحلفاء داخل الحزب الجمهوري يفضلون أن يحوّل ترامب تركيزه نحو خطته الضريبية، التي تتضمن إعفاءات على الإكراميات والعمل الإضافي، باعتبارها أسهل للفهم وأكثر شعبية من الرسوم المعقدة.

لكن حتى على هذا الصعيد، لا تزال النقاشات داخل الكونغرس مستمرة، وسط خلافات حول آلية تمرير مشروع القانون الجديد.

ورغم الرفض المتصاعد من الأسواق، الحلفاء، والشركات، لا يزال الرئيس ترامب متمسكاً برؤيته القائمة على فرض الرسوم الجمركية، مصمماً على تغيير قواعد اللعبة في التجارة العالمية، حتى لو كلّف ذلك غضب الحلفاء واضطراب الأسواق.