في ظل تقلبات السياسة التجارية الأميركية، تعيش الشركات الكبرى حالة من الترقب، إذ بدأت تعلن تعليق توجيهاتها المالية أو مراجعتها بسبب الغموض المرتبط برسوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمركية.
قرار ترامب الأخير بتجميد
الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً لم يُبدد القلق في السوق، بل دفع العديد من الشركات إلى الدخول في وضعية «الانتظار والترقب»، إذ يصعب عليها تقييم مستقبل الاقتصاد أو تقديم توقعات دقيقة للمستثمرين.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
مؤشر على حالة الاقتصاد العام
عادة ما يعكس إصدار التوجيهات المالية ثقة الشركات في أدائها وسوقها المستقبلي. ولكن عندما يتم تعليق التوجيهات، كما حدث خلال جائحة كورونا، فإنها تعتبر إشارة سلبية على احتمالية وقوع أزمة اقتصادية أو تجارية.
ويُعد غياب هذه التوقعات تحدياً كبيراً للمحللين الذين يعتمدون على هذه البيانات لتقييم أداء الأسواق، ما يزيد حالة الغموض والانكماش النفسي لدى المستثمرين.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
صناعات كُبرى تتخلى عن التوقعات المستقبلية
في قطاع السيارات، أعلنت شركة ستيلانتس، المالكة لعلامات مثل جيب ودودج، تعليق توقعاتها للنمو هذا العام، مشيرة إلى أن آثار السياسات الجمركية «المتغيرة» لا يمكن التنبؤ بها بدقة. وفي السياق ذاته، قالت جنرال موتورز إنها لم تعد متمسكة بتوقعاتها السابقة بتحقيق أرباح أعلى في 2025 بسبب احتمالية تأثير الرسوم.
حتى شركة مرسيدس بنز الألمانية أعلنت تعليق توجيهاتها المالية، ما يوضح أن تأثير الرسوم يتجاوز الحدود الأميركية.
شركات التكنولوجيا والنقل تلتحق بالموجة
في قطاع التكنولوجيا، تراجعت أسهم شركة سناب بنسبة 14 في المئة بعد إعلانها عدم إصدار توجيهات للربع الثاني، وعزت ذلك إلى حالة عدم اليقين الاقتصادي التي قد تؤثر على الإنفاق الإعلاني.
أما شركات الطيران الأميركية مثل دلتا، وأميركان إيرلاينز، وساوث ويست وألاسكا إير فقد أعلنت جميها تعليق توقعاتها المالية للعام الحالي.
رؤية قاتمة من قطاع السفر
صرّح المدير التنفيذي لشركة دلتا، إد باستيان، بأن الاقتصاد الأميركي قد يواجه ركوداً، وأشار إلى تراجع السفر بين العملاء ذوي الدخل المنخفض، قائلاً «الطلب يتراجع خصوصاً بين الفئات الأكثر حساسية للسعر».
وأكد نائب رئيس شركة أميركان إيرلاينز، ستيف جونسون، أن الأميركيين من ذوي الدخل المحدود بدؤوا يسافرون أقل من قبل.
رغم أن شركة يو بي إس لم تعلق توجيهاتها بعد، فإنها حذّرت من إمكانية اتخاذ هذا القرار قريباً، موضحة أن «الرسوم الجمركية ستؤثّر في المستهلك الأميركي»، حسب تصريح المديرة التنفيذية كارول تومي.
لماذا يُعد تعليق التوجيهات خطوة خطيرة؟
وقال رئيس قسم الأبحاث العالمية في CFRA، بول بيلاند، إن «تعليق التوجيهات يمثل مشكلة كبيرة ويزيد الغموض في الأسواق»، وأوضح أن هذا السلوك بدأ يؤثّر في تقييمات الشركات رغم بقائها مرتفعة اسمياً.
ويضيف بيلاند أن هناك تشابهاً كبيراً بين تأثير الرسوم الجمركية الحالية وتأثير جائحة كورونا، من حيث تعطيل سلاسل الإمداد والطلب.
لكن الفرق الجوهري يكمن في غياب الدعم المالي من الحكومة أو الاحتياطي الفيدرالي، كما حدث في الجائحة.. «لا توجد شبكة أمان هذه المرة»، كما يوضح بيلاند، مشيراً إلى أن الحكومة تسعى الآن لخفض العجز بدلاً من تقديم حزم تحفيزية.
تعليق التوجيهات المالية من قِبل كبريات الشركات ليس فقط إشارة إلى ارتباك داخلي، بل يعكس حالة عدم يقين اقتصادي ممتدة ناجمة عن سياسات تجارية متقلبة، في وقت لا يزال فيه المستهلك الأميركي صامداً.. حتى إشعار آخر.
(راميشاه معروف - CNN)