أستراليا بعد الانتخابات.. خطة لمواجهة الرسوم الجمركية وإنعاش الاقتصاد

أعاد الناخبون الأستراليون انتخاب حكومتهم وسط غموض اقتصادي عالمي (شترستوك)
انتخابات أستراليا
أعاد الناخبون الأستراليون انتخاب حكومتهم وسط غموض اقتصادي عالمي (شترستوك)

بعد فوزه بولاية ثانية في انتخابات 3 مايو أيار 2025، أكد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أن حكومته ستواصل الدفع نحو إعادة تشكيل الاقتصاد الوطني في مواجهة تحديات عالمية متزايدة، وعلى رأسها الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وفي تصريحات أدلى بها صباح اليوم التالي للانتخابات خلال جولة ميدانية في سيدني، قال ألبانيزي إن حكومته «لن تستنسخ حلولاً مستوردة»، مؤكداً أن أستراليا ستواجه التحديات «بطريقتها الخاصة» عبر «الاعتماد على قيمها الداخلية وتعزيز وحدتها الاقتصادية والاجتماعية».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

ورداً على تصريحات ترامب بشأن اعتزامه مناقشة الرسوم مع ألبانيزي، اكتفى الأخير بوصف الأمر بأنه «تعليق عابر»، مشدداً على أن حكومته سبق وتواصلت مع الإدارة الأميركية أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية للتفاوض بشأن استثناءات تجارية لأستراليا، التي فرضت عليها رسوماً بنسبة 10 في المئة على جميع صادراتها إلى الولايات المتحدة، إضافة إلى رسوم قطاعية بنسبة 25 في المئة على الصلب والألومنيوم.

لكن بينما تتجه الأنظار إلى مستقبل العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين، تركز حكومة العمال على الداخل الأسترالي، إذ تقف أمام تحديات اقتصادية هيكلية شكلت معالم الولاية الأولى.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

تباطؤ النمو رغم تحسن المؤشرات النقدية

خلال ولاية حزب العمال الأولى، وتحديداً من 2022 إلى 2025، واجه الاقتصاد الأسترالي تحديات معقدة بدأت بذروة تضخمية بلغت 8.4 في المئة في ديسمبر كانون الأول 2022، ودفعت البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة 13 مرة متتالية، وصولاً إلى 2.4 في المئة في مارس آذار 2025.

هذه السياسات نجحت في كبح التضخم، الذي تراجع إلى داخل النطاق المستهدف للبنك المركزي، والبالغ 2 في المئة إلى 3 في المئة.

لكن هذا النجاح النقدي جاء على حساب النمو، إذ تباطأ الناتج المحلي الإجمالي السنوي من 3.6 في المئة في مارس آذار 2022 إلى 0.8 في المئة في سبتمبر أيلول 2024، وهو أضعف معدل منذ أوائل التسعينات باستثناء فترات الركود.

الوظائف صامدة لكن المحرك الحقيقي للطلب ضعيف

رغم التباطؤ، ظلت سوق العمل قوية نسبياً، إذ استقرت البطالة عند 4.1 في المئة، أقل بكثير من مستوياتها في عهد الحكومات السابقة.

غير أن تحليلاً أعمق يُظهر أن 60 في المئة من الوظائف التي أُضيفت خلال ولاية العمال جاءت من قطاعات غير سوقية كالصحة والتعليم والإدارة العامة، وهو ما يطرح تساؤلات حول استدامة التوظيف في حال تراجع الإنفاق الحكومي.

الفائدة تنخفض لكن القوة الشرائية لا تزال هشة

خفض البنك المركزي سعر الفائدة لأول مرة منذ أكثر من أربع سنوات في فبراير شباط 2025 إلى 4.1 في المئة، ويتوقع السوق خفضاً آخر في يوليو تموز المقبل.

ورغم ذلك، لا تزال القوة الشرائية للأسر متأثرة، إذ انخفضت الأجور الحقيقية بنسبة 1.9 في المئة عن مستواها عند تولي حزب العمال الحكم، و4 في المئة مقارنة بما قبل الجائحة.

وتُظهر البيانات أن أقساط الرهن العقاري ارتفعت إلى 5.6 في المئة من دخل الأسر مقارنة بـ2.3 في المئة فقط في 2022، ما قلص الإنفاق على السلع غير الأساسية.

الإيرادات الاستثنائية كانت مؤقتة

استفادت الحكومة من الطفرة في أسعار الفحم والغاز عقب الحرب في أوكرانيا، ما ساعدها على تحقيق فائضين متتاليين في الميزانية لأول مرة منذ سنوات، بإجمالي إيرادات إضافية بلغ 400 مليار دولار أسترالي.

لكن وزارة الخزانة تتوقع عودة العجز هذا العام المالي، مع تراجع أسعار الصادرات واستمرار ارتفاع الإنفاق العام.

نقطة التحول.. التركيز على الإنتاجية

في ولايته الثانية، أكد وزير الخزانة جيم تشالمرز أن أولويات الحكومة ستتجه نحو تحسين إنتاجية الاقتصاد عبر الاستثمار في رأس المال البشري، والسياسات التنافسية، والتحول في الطاقة، والتكنولوجيا، لا سيما الذكاء الاصطناعي.

وقال «ولايتنا الأولى كانت للسيطرة على التضخم دون نسيان الإنتاجية، والثانية ستكون لرفع الإنتاجية دون إغفال التضخم».

يُتوقع أن تستمر الحكومة في توسيع الإنفاق العام، خصوصاً في مجالات الإسكان والطاقة والذكاء الاصطناعي، كما تسعى لموازنة هذه السياسات مع استقرار مالي طويل الأمد، وسط مشهد عالمي غير مستقر تقوده سياسات حمائية أميركية متصاعدة وتباطؤ في الصين، الشريك التجاري الأهم لأستراليا.

ووسط هذه التحديات، تقول الحكومة إنها ستُبقي على سياستها «المنضبطة والمنظمة»، سعياً لحماية أستراليا من التقلبات العالمية، مع توظيف مواردها لتثبيت أساس نمو طويل المدى وأكثر توازناً.