ميلانيا ترامب تقود ثورة الذكاء الاصطناعي في النشر.. فما مستقبل وظائف الإعلام؟

سيدة أميركا الأولى ميلانيا ترامب (شترستوك)
سيدة أميركا الأولى ميلانيا ترامب
سيدة أميركا الأولى ميلانيا ترامب (شترستوك)

في خطوة تعكس تحوّلاً جديداً في عالم النشر، أطلقت السيدة الأولى في الولايات المتحدة، ميلانيا ترامب، نسخة صوتية من مذكّراتها، لكن دون أن تنطق حرفاً واحداً، صُنع الصوت المرافق للكتاب بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، ليحاكي نبرتها وكأنها هي من تروي الأحداث.

وكتبت ميلانيا على منصة «إكس» «يشرفني أن أقدّم لكم كتاب ميلانيا، النسخة الصوتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي بصوتي، دعوا مستقبل النشر يبدأ الآن».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

هذه الخطوة ليست الأولى من نوعها، لكنها قد تكون الأكثر رمزية حتى الآن، إذ تسلّط الضوء على واقع جديد يفرضه الذكاء الاصطناعي على صناعة الإعلام.

من الكتب والمقالات إلى الفيديوهات والعروض الترفيهية، يبدو أن أدوات الذكاء الاصطناعي باتت قادرة على إنتاج محتوى بجودة عالية وسرعة غير مسبوقة، ما يطرح سؤالاً كبيراً: من سيبقى في وظائف الإعلام؟

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

ما الذي تغيّر؟

تم تطوير الصوت الاصطناعي لميلانيا بإشرافها باستخدام أدوات شركة إليفين لابز «ElevenLabs»، وهي واحدة من الشركات الرائدة في تقنيات تحويل النصوص إلى صوت بشري واقعي.

تزامن إطلاق الكتاب الصوتي مع إعلان «غوغل» عن نسخة جديدة من نموذجها لتوليد الفيديو، والذي بات بإمكانه توليد أصوات وحوارات متزامنة مع المشهد.

وفي الوقت نفسه، لا تزال أداة صورا «Sora» من شركة أوبن أيه آي التي تتيح إنشاء فيديوهات باستخدام الذكاء الاصطناعي، تحقق انتشاراً كبيراً، لدرجة أن الشركة اضطرت إلى إيقاف التسجيلات مؤقتاً بسبب الطلب الهائل.

لكن هذه التقنيات ما زالت تقتصر على إنتاج محتوى قصير، مثل ما يُنشر على تيك توك أو إنستغرام، حسب خبير التكنولوجيا بجامعة نيويورك كلاي شيركي.

ما وراء الصورة اللامعة؟

يعكس الاهتمام السريع والمتزايد من شركات الإنتاج التلفزيوني بتقنيات الذكاء الاصطناعي تحوّلاً جوهرياً، كشف الزميل البارز في كلية «سعيد» لإدارة الأعمال في جامعة أوكسفورد، أليكس كونوك، أنه عقد خلال أسبوع واحد فقط عدّة اجتماعات مع شركات إنتاج تبحث في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز برامجها.

بدأ بعض المنتجين بالفعل بدراسة إمكانية تصميم نسخ رقمية من مقدّمي البرامج ليتفاعل معهم المشاهدون أثناء العرض، وذلك لمواكبة موجة المبدعين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين باتوا يستخدمون هذه الأدوات بمهارة.

«عالم التلفزيون التقليدي أدرك أنه لكي يظل قادراً على المنافسة، لا بد له أن يتقن هذه الأدوات الجديدة»، حسب كونوك.

هل يتحدّث القارئ مع الكتاب؟

يقول المدير التنفيذي السابق لمعهد ألين للذكاء الاصطناعي، أورين إتزيوني، إن المستقبل قد يحمل إمكانية «التفاعل» مع محتوى الكتب بدلاً من مجرد الاستماع أو القراءة.

يقول إتزيوني «تخيّل أن تتحدث مع ميلانيا ترامب حول فصل من مذكّراتها!»، مشيراً إلى أن ذلك لم يعد خيالاً علمياً.

لكن ماذا عن الوظائف؟

وسط هذه الطفرة التكنولوجية، تزداد المخاوف بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، خصوصاً في قطاع الإعلام.

كشف تقرير «المنتدى الاقتصادي العالمي» حول مستقبل الوظائف أن 41 في المئة من أصحاب الأعمال يخطّطون لتقليص عدد الموظفين مع توسّع استخدام الذكاء الاصطناعي، كما أبدى مسؤولو منصات توظيف، مثل «لينكد إن»، قلقهم بشأن اختفاء بعض الوظائف المبتدئة.

في أميركا، شهدت هوليوود العام الماضي إضراباً دام 146 يوماً نظّمه كتّاب السيناريو في «نقابة كتّاب أميركا»، رفضاً لاستخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة أو تعديل النصوص الأدبية، ورغم توقيع اتفاق يُقيّد استخدام الذكاء الاصطناعي في هذه الأعمال، تبقى الأسئلة قائمة.

«صحيح أن بعض الوظائف مثل التعليق الصوتي قد تتأثّر بسرعة، لكن هناك أدواراً لا يمكن استبدالها بسهولة، مثل الصحافة الاستقصائية التي تعتمد على العلاقات الإنسانية والتعامل مع معلومات حساسة»، حسب شيركي.

من جهته، يرى كونوك أن شركات الإعلام قد تعيد تشكيل فرق العمل بدلاً من تقليصها «ربما يصبح فريق التطوير مكوّناً من شخص يحمل شهادة أدبية، وآخر مبرمج محترف، وثالث باحث أكاديمي».

لم تغيّر ميلانيا ترامب فقط طريقة الاستماع إلى الكتب، بل قد تكون دشّنت مرحلة جديدة في علاقة الذكاء الاصطناعي مع صناعة الإعلام بأكملها، هذه الخطوة ليست تقنية فقط، بل ثقافية واقتصادية في آنٍ واحد.