قطع سوق الأسهم خطوات لا تُصدَّق منذ الانكماش العام الماضي، لدرجة أنه من الصعب تصديق أن الاقتصاد الأميركي قد يكون على وشك الركود.

وعلى مدار العام الجاري حتى الآن، ارتفع مؤشر «إس آند بي 500» بنسبة 15 في المئة تقريباً، كما زاد مؤشر «داو جونز» بنحو 3.5 في المئة، وصعد «ناسداك» 30.8 في المئة.

وأدَّى تمرير الكونغرس صفقة سقف الديون في أواخر مايو أيار، والزيادة الضخمة في أرباح «نفيديا» الفصلية، إلى دفع أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى؛ ما ساعد سوق الأسهم على اختراق نطاق التداول الذي كانت عالقة فيه لعدة أشهر.

كما بدأ مؤشر «إس آند بي 500» موجة صعود في وقت لاحق من مايو أيار، مرتفعاً بأكثر من 20 في المئة من أدنى مستوى له في أكتوبر تشرين الأول الماضي، وأغلق المؤشر يوم الخميس عند أعلى مستوى له منذ أبريل نيسان 2022.

وشهدت الأسهم التكنولوجية الضخمة التي تضررت من ارتفاع أسعار الفائدة في عام 2022 أيضاً دفعة قوية هذا العام، إذ سجل سهم «أبل» أعلى مستوى إغلاق على الإطلاق عند 186.01 دولار يوم الخميس الماضي، مقارنة بنحو 135.43 دولار في اليوم ذاته من العام السابق.

واتسعت مكاسب مؤشر «إس آند بي» إلى قطاعات أخرى من السوق، بما في ذلك القطاع الصناعي والمالي، وهذه علامة مشجعة للمستثمرين القلقين من أن مكاسب المؤشر هذا العام سيطرت عليها إلى حد كبير أسهم التكنولوجيا الضخمة.

السوق في حالة تمزق

ومع ذلك، يرى مستثمرون أن هذا التسارع المشهود في سوق الأسهم الأميركية ينذر ببعض الألم في المستقبل.

وبالفعل، هناك دلائل على أن الشقوق تتشكل، ويمكن أن تتسع قريباً، إذ أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يوم الأربعاء، على أسعار الفائدة دون تغيير، لكنه أشار إلى أنه قد يرفع أسعار الفائدة مرتين خلال هذا العام.

أدى ذلك في البداية إلى عمليات بيع مكثفة قبل أن يتجاهل المستثمرون بسرعة إشارة بنك الاحتياطي الفيدرالي المتفائلة، لتعود الأسهم للصعود مرة أخرى عند إغلاق يوم الأربعاء.

وقالا عضوا مجلس الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر وتوماس باركين ، يوم الجمعة الماضي، إن البنك بحاجة إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر لترويض التضخم.

بالإضافة إلى ذلك، يظل عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين أعلى من نظيره لأجل عشرة أعوام، وهي ظاهرة سبقت تاريخياً فترات الانكماش الاقتصادي.

وقالت كبيرة مسؤولي الاستثمار لدى مجموعة الخدمات المالية «بي إن سي»، أماندا أغاتي، «الكثير مما يحدث الآن قد يكون بمثابة اللحظات الأخيرة قبل الانكماش».

في انتظار اختبار قوي

من المرجح أن يكون الاختبار التالي للأسهم هو قرار سعر الفائدة التالي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، والمنتظر في نهاية الشهر المقبل، وسط توقعات الأسواق بزيادة إضافية في أسعار الفائدة قدرها 25 نقطة أساس.

وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، يوم الأربعاء الماضي إن اجتماع يوليو تموز سيكون «مباشراً»، ما يعني أن القرار سيعتمد على المناقشة بين الأعضاء.

وأضافت أغاتي «نعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيتخذ خطوة أخرى لتشديد السياسة بشكل أكبر في يوليو تموز، وقد يكون ذلك في نهاية المطاف العامل المحفز الذي يخلق تصحيحاً في السوق»، أي اتجاهه للهبوط.

ومع ذلك، لا يزال بعض المستثمرين متفائلين، حتى لو كانوا يتوقعون بعض الألم على المدى القصير.

الأسهم تتحدى الفيدرالي

كان الاحتياطي الفيدرالي أكثر تشدداً مما كان متوقعاً في اجتماعه هذا الشهر، ولكن يبدو أن المستثمرين لا يهتمون.

و كما تقول سارة هنري، مديرة المحفظة لدى «لوغان كابيتال مانجمنت»، هناك سببان لاستمرار ارتفاع السوق خلال الأسبوع الجاري، على الرغم من الإشارات المتشددة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي؛ أولاً: قررت وول ستريت أنه لا يوجد فرق كبير بين زيادة واحدة أو اثنتين من زيادات الأسعار الإضافية.

ثانياً: القراءات الاقتصادية القوية الأخيرة جعلت المستثمرين مقتنعين بأنه حتى لو انزلق الاقتصاد إلى الركود، فسيكون قصيراً وسطحياً، حسب هنري.

في غضون ذلك، توقعت الرئيسة التنفيذية ومديرة الاستثمار لدى «ديفيانس إي تي إف»، سيلفيا جابلونسكي، أن تنهي الأسهم الأميركية هذا العام على صعود، لكنها لا تتوقع قفزة كبيرة مقارنة بالعام السابق.

(كريستال هور – CNN)