عانت الأسواق والمستثمرون في الولايات المتحدة من عام اقتصادي قاسٍ، نتيجة تزايد معدلات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة المتتالي، والتأرجح بين مؤشرات اقتصادية غامضة، فضلًا عن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، وصافرات الإنذار من الركود الوشيك، كل ذلك كان كافيًا لإرهاق التجار والمستثمرين.
وأظهر عدد من المؤشرات الاقتصادية هذا الأسبوع هدوءًا نسبيًّا واستراحة من حالة التوتر، ليبقى السؤال إذا كنا تجاوزنا أسوأ المراحل الاقتصادية أم أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة؟
وتراجعت زيادات الأسعار في الولايات المتحدة أكثر مما توقعه الاقتصاديون الشهر الماضي، مسجلة أدنى مستوى للنمو منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وبلغ معدل التضخم السنوي في نوفمبر 7.1% بالمقارنة مع 7.7% في أكتوبر، وفقًا لمؤشر أسعار المستهلك الذي يصدره مكتب إحصاءات العمل الأمريكي.
وهذا الشهر الثاني على التوالي الذي يشهد انخفاضًا في الأسعار، ما يعني تباطؤ التضخم، وقال جيم بيرد، كبير مسؤولي الاستثمار في بلانت موران للاستشارات المالية، إن هذا المؤشر يبعث الأمل للمستهلكين وصانعي السياسات والمستثمرين.
وتنحسر المخاوف من الركود قليلًا، فرغم ما يشهده الاقتصاد من تباطؤ في بعض القطاعات مثل قطاع الإسكان والتصنيع وانخفاض ثقة المستهلك والأعمال، فإن الأمريكيين أثبتوا قدرتهم على الصمود، فما زالت سوق العمل ونسبة الإنفاق في حالة جيدة.
يقودنا ذلك إلى قرار سعر الفائدة الصادر عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي، اليوم، إذ رفع المجلس أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية بعد أربع زيادات متتالية بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية. وأوضح مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أن أسعار الفائدة ستظل مرتفعة لبعض الوقت، لكن من الممكن أن نكون قريبين من نقطة تحول.
ولا يزال الاقتصاد في حالة تغير مستمر؛ فرغم انخفاض التضخم بنقطتين مئويتين عما كان عليه عند أعلى مستوياته في يونيو/ حزيران، فإن الأسرة الأمريكية النموذجية لا تزال بحاجة إلى إنفاق 396 دولارًا شهريًّا أكثر من العام الماضي لشراء السلع والخدمات نفسها، وفقًا لتحليلات موديز.
وتوقع ريك ريدر، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة جلوبال فيكسيد، أن يتوقف الاحتياطي الفيدرالي مؤقتًا عن رفع معدلات الفائدة خلال الأشهر القليلة المقبلة، ما لا يضع ضغطًا مفرطًا محتملًا على الاقتصاد.
وقال بيل إنجليش، خبير اقتصادي سابق في الاحتياطي الفيدرالي، إنه باستثناء الأخبار السيئة غير المتوقعة، يستعد الاحتياطي الفيدرالي لإتاحة الوقت لرؤية آثار زيادات أسعار الفائدة السابقة على الاقتصاد.
وأضاف قائلًا: «ما زلت أتوقع المزيد من الزيادات في الأسعار، لكن إذا لم تكن هناك مفاجآت بحلول مارس، فسيتمكنون من إعادة تقييم نظامهم الحالي، في هذه المرحلة، قد يتمكن التجار من التقاط أنفاسهم مرة أخرى».