أصدر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية اليوم الأربعاء توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي في عدة بلدان ومناطق، قائلاً إن منطقة جنوب وشرق المتوسط ستنمو نمواً متسارعاً بنسبة 3.4 بالمئة عام 2024 و3.9 بالمئة عام 2025.
لكن البنك لفت إلى أن هذه التوقعات تعد مراجعة سلبية عن التوقعات السابقة لعام 2024، بسبب التنفيذ الأبطأ من المتوقع لمشاريع الاستثمار العام الضخمة في مصر والآثار غير المباشرة الناجمة عن الحرب في غزة.
وجاء في بيان صادر عن البنك «أظهرت المنطقة قدرة على الصمود في مواجهة الحرب في غزة وتصاعد التوترات السياسية والأمنية الإقليمية خلال الأشهر الماضية، على الرغم من أن الأردن شهد انخفاضاً في السياحة والاستثمار بينما استمرت تونس في معاناتها من قيود التمويل».
وأضاف «تراجع معدل التضخم في جميع أنحاء المنطقة، باستثناء مصر حيث ظل أعلى من 30 في المئة، وتسير المنطقة بشكل عام على المسار الصحيح نحو ضبط أوضاع المالية العامة في عام 2024، مع استهداف الحفاظ على الاستثمار المُعزز للنمو والحماية الاجتماعية المستهدفة».
مصر والأردن ولبنان
توقع البنك تباطؤ النمو الاقتصادي في مصر إلى ثلاثة بالمئة في السنة المالية التي ستنتهي في يونيو حزيران 2024، «حيث يؤثر نقص النقد الأجنبي وعدم اليقين بشأن الإصلاح على التوقعات الاقتصادية»، فيما توقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 3.9 بالمئة في 2024 و4.4 بالمئة عام 2025.
وقال «تشمل مخاطر الجانب السلبي ارتفاع أسعار الفائدة، واستمرار ارتفاع التضخم (من المتوقع أن يظل عند 34 في المئة في عام 2024)، وتصاعد التوترات الإقليمية التي من شأنها أن تُعرّض ثقة المستثمرين والسياحة والتجارة للخطر».
وحذر البنك من أن التأثيرات السلبية الناجمة عن حرب غزة المستمرة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 على السياحة في الأردن ولبنان قد تستمر.
بالنسبة للأردن، قال البنك إن الآثار غير المباشرة الناجمة عن حرب غزة من المتوقع أن تؤدي إلى تباطؤ النمو من 2.6 بالمئة عام 2023 إلى 2.4 بالمئة عام 2024، «ومن المتوقع حدوث انتعاش طفيف في النمو الاقتصادي ليصل إلى 2.6 في المئة في عام 2025، بشرط تحسن الظروف الجيوسياسية».
وفي لبنان توقع البنك نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2 بالمئة العام الحالي في ظل «المخاطر الجيوسياسية والتقاعس السياسي وتوقف الإصلاح»، لكن معدل النمو من الممكن أن يتسارع إلى ثلاثة بالمئة عام 2025 إذا هدأت التوترات الإقليمية وأصبح هناك برنامج لصندوق النقد الدولي وأُحرز تقدم في تنفيذ الإصلاحات.
المغرب وتونس
تطرق بيان البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية للاقتصاد المغربي، قائلاً إنه أثبت قدرته على الصمود في وجه الزلزال العنيف الذي ضرب البلاد العام الماضي.
وقال البيان «من المتوقع أن يظل النمو مستقراً إلى حد كبير عند 3 بالمئة في عام 2024، ثم يرتفع إلى 3.6 بالمئة في عام 2025، مدعوماً بانتعاش الطلب الخارجي والاستثمار الحكومي».
وفي تونس، توقع البنك انتعاش النمو الاقتصادي بقوة من 0.4 بالمئة عام 2023 إلى نحو 1.9 بالمئة العام الحالي واثنين بالمئة عام 2025، «مدعوماً بجهود الإصلاح ومواصلة ضبط أوضاع المالية العامة، في حين تم احتواء مخاطر الاقتصاد الكلي إلى حد ما».
وأردف قائلاً «بشكل عام، تظل الموارد المالية الحكومية مقيدة، ولا يزال الوصول إلى التمويل الخارجي محدوداً للغاية، ومع ذلك سددت تونس جميع الديون الخارجية المستحقة في الوقت المحدد، وتستمر في التقدم، ولو ببطء، على مسار الإصلاحات الرئيسية، بما في ذلك ضبط الأوضاع المالية تدريجياً من خلال احتواء فاتورة أجور القطاع العام وإصلاح بعض إعانات الدعم».
ماذا عن روسيا وتركيا؟
ذهبت توقعات البنك إلى أن الاقتصاد الروسي المرن سينمو 2.5 بالمئة في 2024، مضيفاً أنه سيعود إلى المستويات التي حققها قبل غزو أوكرانيا عام 2022.
وتمثل هذه النسبة زيادة كبيرة على توقعات نمو بنسبة واحد بالمئة أُعلن عنها في سبتمبر أيلول، إذ تعوض موسكو تأثير العقوبات عليها بإنفاق سخي على آلة الحرب.
لكنها ما زالت تمثل تباطؤاً كبيراً بالمقارنة مع نمو متوقع في عام 2023 ونسبته 3.6 بالمئة.
أما تركيا فتوقع البنك تباطؤ نموها من 4.5 بالمئة عام 2023 إلى 2.7 بالمئة عام 2024، على أن يلي ذلك نمو بنسبة 3 بالمئة عام 2025، ويعكس هذا توقعات بسياسة نقدية ومالية أكثر تشدداً في وجه استمرار تصاعد التضخم.
تأسس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية عام 1991 لمساعدة دول الاتحاد السوفيتي السابق على الانتقال إلى نظام السوق المفتوحة، وتوسعت أعماله لتشمل بلداناً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويستثمر البنك مع القطاع الخاص وتشمل منطقة عمله وسط وشرق أوروبا وجنوب وشرق البحر المتوسط وآسيا الوسطى.