في خضم الأزمة المصرفية، وأسعار الفائدة المرتفعة تاريخياً، والاضطرابات الجيوسياسية، وتوقعات الركود المتزايد، ارتفع مؤشر «إس آند بي 500» بنسبة 7 في المئة تقريباً منذ بداية العام حتى الآن.
ويشير هذا إلى المرونة الاستثنائية للأسهم الأميركية خلال 2023، ولكن يجب على المستثمرين والمحللين أن يكونوا حذرين، لأن هذه الارتفاعات يختفي وراءها ضعف ملحوظ.
وقال تورستن سلوك كبير الاقتصاديين لدى «أبوللو غلوبال مانجمنت» لشبكة «CNN»: «الارتفاعات كانت على نطاق ضيق ولم تصعد جميع الأسهم، إذ تركز الصعود في عدد قليل من أكبر الأسهم من حيث القيمة السوقية، ولا سيما تلك الخاصة بشركات التكنولوجيا».
وتتصدر أسهم قطاع التكنولوجيا الصعود بقيادة «أبل»، و«مايكروسوفت»، و«غوغل»، و«أمازون»، و«تسلا»، و«ميتا»، مدعومة بالتكهنات بأن زيادات أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي قد تنتهي قريباً.
واستفادت أسهم شركات التكنولوجيا الكبيرة بشكل خاص من هذه التكهنات، باعتبارها الأكثر حساسية لمعدلات الفائدة لأنها تميل إلى الاقتراض أكثر من بقية الشركات، وتعتمد بشكل أكبر على توقعات الأرباح المستقبلية.
المخاوف تقيد صعود بقية الأسهم
ومع ذلك، بقية أسهم الشركات الكُبرى تخلفت عن النمو، ولم تستفِد من التفاؤل الذي ضرب قطاع التكنولوجيا، بما في ذلك أسهم «بيرشكاير هاثاواي»، و«إكسون موبيل»، و«يونايتد هيلث غروب»، و«جونسون آند جونسون»، و«وول مارت»، و«ماستر كارد»، و«شيفرون»، من بين آخرين.
وذكر تورستن سلوك أن المعنى الضمني للمستثمرين الذي يظهر من ارتفاع أسهم شركات التكنولوجيا دون غيرها هو أن هذه السوق ليست مدفوعة بتوقعات نمو أعلى، ولكن بدلاً من ذلك تقوده تكهنات بشأن معدلات الفائدة، خاصة بعد انهيار بنك «سيليكون فالي».
وأوضح باتريك كاسر مدير محفظة لدى «برانديواين غلوبال»، أن التحول إلى أسهم شركات التكنولوجيا الكبيرة هو أيضاً رد فعل على زيادة الخوف وعدم اليقين بين المستثمرين.
وقال كاسر لشبكة «CNN»، «تحركات السوق هذا العام جاءت وسط حالة من الضبابية والشكوك، ومع تزايد عدم استقرار الأوضاع، يتراجع المستثمرون عن الشركات ذات رؤوس الأموال الكبيرة التي كانوا يعتمدون عليها خلال السنوات القليلة الماضية».
وأضاف «في هذه المراحل الأولية من عدم اليقين، يميل الناس إلى العودة إلى ما نجح في الدورة الأخيرة، هذا ليس بالضرورة ضماناً لاستمرار هذه الأسهم في النمو (أسهم التكنولوجيا)، لكنهم يختارون الأسهم التي حققت أرباحاً سهلة في الماضي».
وكان قطاع التكنولوجيا ملاذاً آمناً للمستثمرين خلال ذروة الوباء، وفي عام 2021 بلغت الإيرادات السنوية المجمعة لشركات «أمازون» و«أبل»، و«ألفابيت»، و«مايكروسوفت» و«فيسبوك»، نحو 1.2 تريليون دولار، أي أعلى بنسبة 25 في المئة مما كانت عليه قبل الجائحة.
وقال كاسر «يوجد حالياً شعور زائف بالأمان بأن الأمور لن تتغير، ولكن الكثير من البيانات الموجودة تشير إلى احتمالات أعلى للركود، هذه ليست نقطة انطلاق مواتية للأسهم عندما نفكر في الأشهر القليلة المقبلة».
(نيكول جودكايند، CNN).